الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم هو أن يكون تصرفه مقصورا على مراد أمره ؛ وهو نظير الائتمام ، وهو أن يأتم به في اتباع مراده وفي فعله غير خارج عن تدبيره .

فإن قيل : هل يكون فاعل المباح متبعا لأمر الله عز وجل ؟ قيل له : قد يكون متبعا إذا قصد به اتباع أمره في اعتقاد إباحته وإن لم يكن وقوع الفعل مرادا منه ، وأما فاعل الواجب فإنه قد يكون الاتباع في وجهين :

أحدهما : اعتقاد وجوبه ، والثاني : إيقاع فعله على الوجه المأمور به ، فلما ضارع المباح الواجب في الاعتقاد ؛ إذ كان على كل واحد منهما وجوب الاعتقاد بحكم الشيء على ترتيبه ونظامه في إباحة أو إيجاب جاز أن يشتمل قوله : اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم على المباح والواجب وقوله : اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم دليل على وجوب اتباع القرآن في كل حال وأنه غير جائز الاعتراض على حكمه بأخبار الآحاد ؛ لأن الأمر باتباعه قد ثبت بنص التنزيل ، وقبول خبر الواحد غير ثابت بنص التنزيل ، فغير جائز تركه ؛ لأن لزوم اتباع القرآن قد ثبت من طريق يوجب العلم وخبر الواحد يوجب العمل فلا يجوز تركه ولا الاعتراض به عليه . وهذا يدل على صحة قول أصحابنا في أن قول من خالف القرآن في أخبار الآحاد غير مقبول ؛ وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ما جاءكم مني فاعرضوه على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فهو عني وما خالف كتاب الله فليس عني .

فهذا عندنا فيما كان وروده من طريق الآحاد ، فأما ما ثبت من طريق التواتر فجائز تخصيص القرآن به وكذلك نسخه قوله : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا فما تيقنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله فإنه في إيجاب الحكم بمنزلة القرآن ، فجائز تخصيص بعضه ببعض وكذلك نسخه .

التالي السابق


الخدمات العلمية