قوله تعالى : إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم أطلق الشرى فيها على طريق المجاز ؛ لأن المشتري في الحقيقة هو الذي يشتري ما لا يملك والله تعالى مالك أنفسنا وأموالنا ، ولكنه كقوله تعالى : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فسماه شرى كما سمى الصدقة قرضا لضمان الثواب فيها به ، فأجرى لفظه مجرى ما لا يملكه المعامل فيه استدعاء إليه وترغيبا فيه .
قوله تعالى : السائحون قيل : إنهم الصائمون روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : سياحة أمتي الصوم وروي عن عبد الله بن مسعود وابن عباس وسعيد بن جبير أنه الصوم ومجاهد
وقوله تعالى : والحافظون لحدود الله هو أتم ما يكون من المبالغة في الوصف بطاعة الله ، والقيام بأوامره والانتهاء عن زواجره ؛ وذلك لأن لله تعالى حدودا في أوامره وزواجره وما ندب إليه ورغب فيه ، أو أباحه وما خير فيه وما هو الأولى في تحري موافقة أمر الله ، وكل هذه حدود الله ، فوصف تعالى هؤلاء القوم بهذا الوصف ، [ ص: 369 ] ومن كان كذلك فقد أدى جميع فرائضه وقام بسائر ما أراده منه ، وقد بين في الآية التي قبلها المرادين بها ، وهم الصحابة الذين بايعوه تحت الشجرة وهي بيعة الرضوان ، بقوله تعالى : فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به ثم عطف عليه : التائبون فقد بينت هذه الآية منزلة هؤلاء رضي الله عنهم من الدين ، والإسلام ومحلهم عند الله تعالى . ولا يجوز أن يكون في وصف العبيد بالقيام بطاعة الله كلام أبلغ ولا أفخم من قوله تعالى : والحافظون لحدود الله