وأنذر أي : بهذا القرآن عشيرتك أي : قبيلتك الأقربين أي : الأدنين في النسب ، ولا تحاب أحدا ، فإن المقصود الأعظم به الذين اجتالوهم عن دينهم بعد أن كانوا حنفاء كلهم ، وإنذار الأقربين يفهم الإنذار لغيرهم من باب الأولى ، ويكسر من أنفة الأبعد للمواجهة بما يكره ، لأنه سلك به مسلك الأقرب ، ولقد قام صلى الله عليه وسلم بهذه الآية حق القيام; روى النذارة لكف الخلائق عما يثمر الهلاك من اتباع الشياطين البخاري رضي الله عنهما قال : لما نزلت صعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا فجعل ينادي : يا ابن عباس بني فهر [يا بني عدي ] لبطون قريش حتى اجتمعوا ، فجعل الرجل [ ص: 108 ] إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو ، فجاء أبو لهب وقريش ، فقال : أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ قالوا : نعم! ما جربنا عليك إلا صدقا ، قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد ، فقال أبو لهب : تبا لك سائر اليوم ، ألهذا جمعتنا؟ فنزلت تبت يدا أبي لهب وتب ، وفي رواية عن قريش ! اشتروا أنفسكم ، لا أغني عنكم من الله شيئا ، يا بني عبد مناف ! لا أغني عنكم من الله شيئا! يا عباس بن عبد المطلب ! لا أغني عنك من الله شيئا ، ويا ! لا أغني عنك من الله شيئا ، ويا صفية عمة رسول الله ! سليني ما شئت من مالي ، لا أغني عنك من الله شيئا" فاطمة بنت محمد ، وروى القصة أنه صلى الله عليه وسلم قال : "يا معشر عن أبو يعلى رضي الله عنه الزبير بن العوام أن قريشا جاءته فحذرهم وأنذرهم ، فسألوه آيات سليمان في الريح وداود في الجبال وموسى في البحر وعيسى في إحياء الموتى ، وأن يسير الجبال ، ويفجر الأنهار ، ويجعل الصخر ذهبا ، فأوحى الله إليه وهم عنده ، فلما سري عنه أخبرهم أنه أعطي ما سألوه ، ولكنه إن أراهم فكفروا عوجلوا. فاختار صلى الله عليه وسلم [ ص: 109 ] [الصبر] عليهم ليدخلهم الله باب الرحمة .