ولما اقتضى السياق السؤال عن بيان بعض حالهم ، أجاب بقوله : قالوا تقاسموا أمر مما منه القسم ، أي : أوقعوا المقاسمة والمحالفة بينكم بالله أي : الذي لا سمي له لما شاع من عظمته ، وشمول إحاطته في علمه وقدرته ، فليقل كل منكم عن نفسه ومن معه إشارة إلى أنكم كالجسد الواحد : لنبيتنه أي : صالحا وأهله أي : لنهلكن الجميع ليلا ، فإن البيات مباغتة العدو ليلا.
ولما كانت العادة جارية بأن المبيتين لابد أن يبقى بعضهم ، قالوا : ثم لنقولن لوليه أي : المطالب بدمه إن بقي منهم أحد : ما شهدنا أي : حضرنا حضورا تاما مهلك أي : هلاك أهله أي : أهل ذلك الولي فضلا عن أن نكون باشرنا ، أو أهل صالح عليه السلام فضلا عن أن نكون شهدنا مهلك صالح أو باشرنا قتله ولا موضع إهلاكهم. ولما كانت الفجيعة من وليه بهلاكه - عليه السلام - أكثر من الفجيعة بهلاك أهله وأعظم ، كان في السياق بالإسناد إلى الولي - على تقدير كون الضمير لصالح عليه السلام - [ ص: 178 ] أتم إرشاد إلى أن التقدير : ولا مهلكه.
ولما كانوا قد صمموا على هذا الأمر ، وظنوا أنفسهم على المبالغة في الحلف والاجتراء على الكذب فقالوا : وإنا أي : ونقول في جملة القسم تأكيدا للقسم ، إيهاما لتحقق الصدق : وإنا لصادقون فيا للعجب من قوم إذا عقدوا اليمين فزعوا إلى الله العظيم ، ثم نفروا عنه نفور الظليم ، إلى أوثان أنفع منها الهشيم.