ولما لم يكن لهم قدم صدق ولا سابق حق بما أتتهم الرسل به من الحجج ، وتابعت عليهم من الأدلة ، لم يكن لهم جواب إلا السكوت ، وهو المراد بقوله : فعميت أي : خفيت وأظلمت في غواية ولجاج عليهم الأنباء [أي : ] الأخبار التي هي من العظمة بحيث يحق لها في ذلك اليوم أن تذكر ، وهي التي يمكن أن يقع بها الخلاص ، وعداه بعلى إشارة إلى أن عماها وقع عليهم ، فعم الكل العمى فصاروا بحيث لا تهتدي الأنباء لعماها إليهم لتجددها ، ولا يهتدون إليها لانتشار عماها إليهم ، وهذا كله إشارة [إلى أنهم] لم يقدموا عملا في إجابة الرسل بحق أن يذكر في ذلك اليوم ، بل أسلفوا من التكذيب والإساءة ما يودون لو أن بينهم وبينه أمدا بعيدا ، وقال : يومئذ تكريرا لتخويف ذلك اليوم وتهويله ، وتقريرا لتعظيمه وتبجيله.
[ ص: 338 ] ولما تسبب عن هذا السؤال السكوت علما منهم بأنه ليس عند أحد منهم ما يغني في جوابه من حسن القول وصوابه ، وأنهم لا يذكرون شيئا من المقال إلا عاد عليهم بالوبال ، قال مترجما عن ذلك : فهم لا يتساءلون أي : لا يسأل أحد منهم أحدا عن شيء يحصل به خلاص ، لعلمهم أنه قد عمهم الهلاك ، ولات حين مناص ، ولأن كلا منهم أبغض الناس في الآخر.