ولما ذكر الدليل الأول من ولا نصر أنفسهم ، وكان ربما قيل : إن ذلك لشيء غير العجز ، دل هنا على الإشراك لا شبهة دليل فقال [صارفا القول إلى مظهر التكلم بأسلوب العظمة لأنه مجرد فعال] الدليل على إبطال الشركة أن الشركاء لم يستجيبوا لهم ولا كانت لهم قدرة على نصرهم ونـزعنا أي : أفردنا بقوة وسطوة من كل أمة شهيدا [ ص: 347 ] أي : وهو رسولهم ، فشهد عليهم بأعمالهم وما كانوا فيه من الارتباك في أشراك الإشراك.
ولما تسبب عن ذلك سؤالهم عن سندهم في إشراكهم قال : فقلنا أي : للأمم : هاتوا برهانكم أي : دليلكم القطعي الذي فزعتم في الدنيا إليه ، وعولتم في شرككم عليه ، كما هو شأن ذوي العقول أنهم لا يبنون شيئا على غير أساس فعلموا بسبب [هذا] السؤال لما اضطروا ففتشوا واجتهدوا فلم يجدوا لهم سندا أصلا أن الحق أي : في الإلهية لله أي : الملك الأعلى الذي له الأمر كله ولا مكافئ له ، لا شركة لشيء معه وضل أي : غاب وبطل غيبة الشيء الضائع عنهم ما كانوا أي : كونا هو كالجبلة لهم يفترون أي : يقولونه قول الكاذب المتعمد للكذب لكونه لا دليل عليه ولا شبهة موجبة للغلط فيه.