قوله: والذين من بعدهم يجوز أن يكون عطفا على الموصول الأول، على المبدل منه، وأن يكون مبتدأ، خبره: لا يعلمهم إلا الله ، و "جاءتهم" خبر آخر. وعلى ما تقدم يكون "لا يعلمهم" حالا من "الذين"، أو من الضمير في من بعدهم لوقوعه صلة، وهذا عنى بقوله: حال من الضمير في أبو البقاء من بعدهم ، ولا يريد به الضمير المجرور، لأن مذهبه منع الحال من المضاف إليه، وإن كان بعضهم جوزه في صور. وجوز أيضا هو أن تكون استئنافا. والزمخشري
وقال : والجملة من قوله: الزمخشري لا يعلمهم إلا الله اعتراض. ورد عليه الشيخ بأن الاعتراض إنما يكون بين جزأين أحدهما يطلب الآخر، ولذلك لما أعرب "والذين" مبتدأ و "لا يعلمهم" خبره، قال: "والجملة من المبتدأ والخبر اعتراض". واعترضه الشيخ أيضا بما تقدم. ويمكن أن يجاب عنه في الموضعين: بأن الزمخشري يمكن أن يعتقد أن "جاءتهم" حال مما تقدم، فيكون الاعتراض واقعا بين الحال وصاحبها، وهذا كلام صحيح. الزمخشري
قوله: فردوا أيديهم في أفواههم يجوز أن تكون الضمائر للكفار، [ ص: 73 ] أي: فرد الكفار أيديهم في أفواههم من الغيظ. و "في" على بابها من الظرفية، أو فردوا أيديهم على أفواههم ضحكا واستهزاء. فـ "في" بمعنى على، أو أشاروا بأيديهم إلى ألسنتهم وما نطقوا به من قولهم: إنا كفرنا، فهي بمعنى إلى. ويجوز أن يكون المرفوع للكفار والآخران للرسل، على أن يراد بالأيدي النعم، أي: ردوا نعم الرسل وهي نصائحهم في أفواه الرسل، لأنهم إذا كذبوها كأنهم رجعوا بها من حيث جاءت على سبيل المثل. [ويجوز أن يراد هذا المعنى، والمراد بالأيدي الجوارح]. ويجوز أن يكون الأولان للكفار، والأخير للرسل، أي: فرد الكفار أيديهم في أفواه الرسل، أي: أطبقوا أفواهكم، يشيرون إليهم بالسكوت، أو وضعوها على أفواههم يمنعونهم بذلك من الكلام.
وقيل: "في" هنا بمعنى الباء. قال قد وجدنا من العرب من يجعل "في" موضع الباء. يقال: أدخلك بالجنة، وفي الجنة، وأنشد: الفراء:
2869 - وأرغب فيها عن لقيط ورهطه ولكنني عن سنبس لست أرغب
أي: أرغب بها. وقال هذا ضرب مثل، تقول العرب: "رد يده في فيه"، إذا أمسك عن الجواب، وقاله الأخفش أيضا. وقال [ ص: 74 ] أبو عبيدة: القتيبي: "لم نسمع أحدا يقول: "رد يده في فيه" إذا ترك ما أمر به". ورد عليه، فإن من حفظ حجة على من لم يحفظ.وقرأ "تدعونا" بإدغام نون الرفع في نون الضمير، كما تدغم في نون الوقاية. طلحة: