ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا .
قوله تعالى: ولا تمش في الأرض مرحا وقرأ الضحاك ( مرحا ) بكسر الراء، قال وابن يعمر: والكسر أجود ; لأن ( مرحا ) اسم الفاعل . قال الأخفش: وكلاهما في الجودة سواء، غير أن المصدر أوكد في الاستعمال، تقول: جاء زيد ركضا، وجاء زيد راكضا، فـ( ركضا ) أوكد في الاستعمال ; لأنه يدل على توكيد الفعل، وتأويل الآية: لا تمش في الأرض مختالا فخورا . والمرح: الأشر والبطر . وقال الزجاج: المرح: شدة الفرح . ابن فارس:
قوله تعالى: " إنك لن تخرق الأرض " فيه قولان:
أحدهما: لن تقطعها إلى آخرها . والثاني: لن تنفذها وتنقبها . قال لن تخرق الأرض بكبرك، ولن تبلغ الجبال طولا بعظمتك . قال ابن عباس: والمعنى: لا ينبغي للعاجز أن يبذخ ويستكبر . ابن قتيبة:
قوله تعالى: " كل ذلك كان سيئه " قرأ ابن كثير، ونافع، : ( سيئة ) منونا غير مضاف، على معنى: كان خطيئة، فعلى هذا يكون قوله: " وأبو عمرو كل ذلك " إشارة إلى المنهي عنه من المذكور فقط . وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، ( والكسائي: سيئه ) مضافا مذكرا، فتكون لفظة " كل " يشار بها إلى سائر ما تقدم ذكره . وكان لا يرى هذه القراءة . قال أبو عمرو [ ص: 37 ] وهذا غلط من الزجاج: ; لأن في هذه الأقاصيص سيئا وحسنا، وذلك أن فيها الأمر ببر الوالدين، وإيتاء ذي القربى، والوفاء بالعهد، ونحو ذلك، فهذه القراءة أحسن من قراءة من نصب السيئة، وكذلك قال أبي عمرو تدبرت الآيات من قوله تعالى: " أبو عبيدة: وقضى ربك " ، فوجدت فيها أمورا حسنة . وقال أبو علي: من قرأ: ( سيئة ) رأى أن الكلام انقطع عند قوله: " وأحسن تأويلا " ، وأن قوله: " ولا تقف " لا حسن فيه .
قوله تعالى: " ذلك مما أوحى إليك ربك " يشير إلى ما تقدم من الفرائض والسنن، " من الحكمة " ; أي: من الأمور المحكمة والأدب الجامع لكل خير . وقد سبق معنى " المدحور " ( الأعراف: 18) .