قوله تعالى: " قال له صاحبه " يعني: المؤمن، " وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب " يعني: خلق أباك آدم، " ثم من نطفة " يعني: ما أنشئ هو منه، فلما شك في البعث كان كافرا .
قوله تعالى: " لكنا هو الله ربي " قرأ ابن كثير، ، وأبو عمرو وعاصم، وحمزة، والكسائي، عن وقالون ( لكن هو الله ربي ) بإسقاط الألف في الوصل، وإثباتها في الوقف . وقرأ نافع: في رواية نافع المسيبي بإثبات الألف وصلا ووقفا . وأثبت الألف في الحالين . وقرأ ابن عامر ( لكن ) بإسكان النون خفيفة من غير ألف في الحالين . وقرأ أبو رجاء: ( لكن ) بتشديد النون من غير ألف في الحالين . وقرأ ابن يعمر: ( لكن أنا هو الله ربي ) [ ص: 144 ] بإسكان نون ( لكن ) وإثبات ( أنا ) . قال الحسن: فيها ثلاث لغات: لكنا، ولكن، ولكنه بالهاء، أنشدني الفراء: أبو ثروان:
وترمينني بالطرف أي أنت مذنب وتقلينني لكن إياك لا أقلي
وقال مجازه: لكن أنا هو الله ربي، ثم حذفت الألف الأولى، وأدغمت إحدى النونين في الأخرى فشددت . قال أبو عبيدة: وهذه الألف تحذف في الوصل وتثبت في الوقف، فأما من أثبتها في الوصل كما تثبت في الوقف، فهو على لغة من يقول: أنا قمت، فأثبت الألف، قال الشاعر: الزجاج:
أنا سيف العشيرة فاعرفوني [ حميدا قد تذريت السناما ]
وهذه القراءة جيدة ; لأن الهمزة قد حذفت من ( أنا )، فصار إثبات الألف عوضا من الهمزة .
قوله تعالى: " ولولا إذ دخلت جنتك " ; أي: وهلا، ومعنى الكلام: التوبيخ . قال " الفراء: ما شاء الله " في موضع رفع، إن شئت رفعته بإضمار هو، يريد: [ هو ] ما شاء الله، وإن شئت أضمرت فيه: ما شاء الله كان، وجاز طرح جواب الجزاء، كما جاز في قوله: فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض [ الأنعام: 35 ]، ليس له جواب ; لأنه معروف . قال وقوله: " الزجاج: لا قوة إلا بالله " الاختيار النصب بغير تنوين على النفي، كقوله: لا ريب فيها [ الكهف: 21 ]، ويجوز " لا قوة إلا بالله " على الرفع بالابتداء، والخبر " بالله " ، المعنى: لا يقوى أحد في بدنه ولا في ملك يده إلا بالله تعالى، ولا يكون له إلا ما شاء الله . [ ص: 145 ]
قوله تعالى: " إن ترن " قرأ ( إن ترني أنا ) و( يؤتيني خيرا ) بياء في الوصل والوقف . وقرأ ابن كثير: نافع بياء في الوصل . وقرأ وأبو عمرو ابن عامر، وعاصم، بحذف الياء فيهما وصلا ووقفا . " وحمزة أنا أقل " وقرأ ( أنا أقل ) برفع اللام . قال ابن أبي عبلة: ( أنا ) هاهنا عماد إن نصبت ( أقل )، واسم إذا رفعت ( أقل )، والقراءة بهما جائز . الفراء:
قوله تعالى: " فعسى ربي أن يؤتيني خيرا من جنتك " ; أي: في الآخرة، " ويرسل عليها حسبانا " وفيه أربعة أقوال:
أحدها: أنه العذاب، رواه عن العوفي وبه قال ابن عباس، قتادة وقال والضحاك . عن أبو صالح نارا من السماء . ابن عباس:
والثاني: قضاء من الله يقضيه، قاله ابن زيد .
والثالث: مرامي من السماء، وأحدها: حسبانة، قاله أبو عبيدة قال وابن قتيبة . الحسبان: سهام يرمي بها الرجل في جوف قصبة تنزع في القوس، ثم يرمي بعشرين منها دفعة، فعلى هذا القول يكون المعنى: ويرسل عليها مرامي من عذابه، إما حجارة أو بردا، أو غيرهما مما يشاء من أنواع العذاب . النضر بن شميل:
والرابع: أن الحسبان: الحساب، كقوله الشمس والقمر بحسبان [ الرحمن: 5 ] ; أي: بحساب، فيكون المعنى: ويرسل عليها عذاب حساب ما كسبت يداه، هذا قول الزجاج .
قوله تعالى: " فتصبح صعيدا زلقا أو يصبح ماؤها غورا " قال الصعيد: الأملس المستوى، والزلق: الذي تزل عنه الأقدام، والغور: الغائر، [ ص: 146 ] فجعل المصدر صفة، يقال: ماء غور، ومياه غور، ولا يثنى ولا يجمع، ولا يؤنث، كما يقال: رجل نوم، ورجل صوم، ورجل فطر، ورجال نوم، [ ونساء نوم ]، ونساء صوم . ويقال للنساء إذا نحن: نوح، والمعنى: يذهب ماؤها غائرا في الأرض ; أي: ذاهبا فيها . " ابن قتيبة: فلن تستطيع له طلبا " فلا يبقى له أثر تطلبه به، ولا تناله الأيدي ولا الأرشية . وقال " ابن الأنباري: غورا " : إذا غور، فسقط المضاف وخلفه المضاف إليه، والمراد بالطلب هاهنا: الوصول، فقام الطلب مقامه لأنه سببه . وقرأ أبو الجوزاء ( غؤورا ) برفع الغين والواو [ الأولى ] جميعا وواو بعدها . وأبو المتوكل: