ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا . وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا . أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا
قوله تعالى: ولقد أتوا يعني كفار مكة على القرية التي أمطرت مطر السوء يعني قرية قوم لوط التي رميت بالحجارة أفلم يكونوا يرونها في أسفارهم فيعتبروا؟! ثم أخبر بالذي جرأهم على التكذيب ، فقال : بل كانوا لا يرجون نشورا أي : لا يخافون بعثا ، هذا قول المفسرين . وقال : الذي عليه أهل اللغة أن الرجاء ليس بمعنى الخوف ، وإنما المعنى : بل كانوا لا يرجون ثواب عمل الخير ، فركبوا المعاصي . الزجاج
[ ص: 92 ] قوله تعالى: وإذا رأوك إن يتخذونك أي : ما يتخذونك إلا هزوا أي : مهزوءا به . ثم ذكر ما يقولون من الاستهزاء : أهذا الذي بعث الله رسولا إن كاد ليضلنا عن آلهتنا أي : ليصرفنا عن عبادة آلهتنا لولا أن صبرنا عليها أي : على عبادتها ; قال الله تعالى : وسوف يعلمون حين يرون العذاب في الآخرة من أضل أي : من أخطأ طريقا عن الهدى ، أهم ، أم المؤمنون .
ثم عجب نبيه من جهلهم حين عبدوا ما دعاهم إليه الهوى ، فقال : أرأيت من اتخذ إلهه هواه قال : كان أحدهم يعبد الحجر ، فإذا رأى ما هو أحسن منه رمى به وعبد الآخر . وقال ابن عباس : هو الكافر لا يهوى شيئا إلا ركبه . قتادة
وقال : المعنى يتبع هواه ويدع الحق ، فهو له كالإله . ابن قتيبة
قوله تعالى: أفأنت تكون عليه وكيلا أي : حفيظا يحفظه من اتباع هواه . وزعم أن هذه الآية منسوخة بآية القتال . الكلبي
قوله تعالى: أم تحسب أن أكثرهم يسمعون يعني أهل مكة ; والمراد : يسمعون سماع طالب الإفهام أو يعقلون ما يعاينون من الحجج والأعلام إن هم إلا كالأنعام وفي وجه تشبيههم بالأنعام قولان .
أحدهما : أن الأنعام تسمع الصوت ولا تفقه القول .
والثاني : أنه ليس لها هم إلا المأكل والمشرب .
قوله تعالى: بل هم أضل سبيلا لأن البهائم تهتدي لمراعيها وتنقاد لأربابها وتقبل على المحسن إليها ، وهم على خلاف ذلك .