[ ص: 70 ] وقال شيخ الإسلام قدس الله روحه فصل أهل الكتاب إلى محرفين وأميين حيث يقول : { قسم الله من ذمه من أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون } { وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون } { أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون } { ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون } { فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون } .
وفي هذا عبرة لمن ركب سننهم من أمتنا ; فإن المنحرفين في [ ص: 71 ] نصوص الكتاب والسنة كالصفات ونحوها من الأخبار والأوامر : " قوم " يحرفونه إما لفظا وإما معنى وهم النافون لما أثبته الرسول صلى الله عليه وسلم جحودا وتعطيلا ويدعون أن هذا موجب العقل الصريح القاضي على السمع .
و " قوم " لا يزيدون على تلاوة النصوص لا يفقهون معناها ويدعون أن هذا موجب السمع الذي كان عليه السلف وأن الله لم يرد من عباده فهم هذه النصوص فهم { لا يعلمون الكتاب إلا أماني } أي تلاوة { وإن هم إلا يظنون } .
ثم يصنف أقوام علوما يقولون : إنها دينية وأن النصوص دلت عليها والعقل وهي دين الله ; مع مخالفتها لكتاب الله فهؤلاء الذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هو من عند الله بوجه من الوجوه .
فتدبر كيف اشتملت هذه الآيات على الأصناف الثلاثة وقوله في صفة أولئك : { أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم } حال حتى إن منهم من يمنع من رواية الأحاديث المأثورة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولو أمكنهم كتمان القرآن لكتموه لكنهم يكتمون منه وجوه دلالته من العلوم المستنبطة منه ويعوضون الناس عن ذلك بما يكتبونه بأيديهم ويضيفونه إلى أنه من عند الله . من يكتم النصوص التي يحتج بها منازعه