[ ص: 161 ] فصل في الكتابة الفاسدة قال ( وإذا فالكتابة فاسدة ) أما الأول فلأن الخمر والخنزير لا يستحقه المسلم لأنه ليس بمال في حقه فلا يصلح بدلا فيفسد العقد . كاتب المسلم عبده على خمر أو خنزير أو على قيمة نفسه
وأما الثاني فلأن القيمة مجهولة قدرا وجنسا ووصفا فتفاحشت الجهالة وصار كما إذا كاتب على ثوب أو دابة ، ولأنه تنصيص على ما هو موجب العقد الفاسد لأنه موجب للقيمة . قال ( فإن أدى الخمر عتق ) وقال : لا يعتق إلا بأداء قيمة نفسه ، [ ص: 162 ] لأن البدل هو القيمة . وعن زفر رحمه الله : أنه يعتق بأداء الخمر لأنه بدل صورة ، ويعتق بأداء القيمة أيضا لأنه هو البدل معنى . أبي يوسف
وعن رحمه الله أنه إنما يعتق بأداء عين الخمر إذا قال إن أديتها فأنت حر لأنه حينئذ يكون العتق بالشرط لا بعقد الكتابة ، وصار كما إذا كاتب على ميتة أو دم ولا فصل في ظاهر الرواية . ووجه الفرق بينهما وبين الميتة أن الخمر والخنزير مال في الجملة فأمكن اعتبار معنى العقد فيه ، وموجبه العتق عند أداء العوض المشروط . أبي حنيفة
وأما الميتة فليست بمال أصلا فلا يمكن اعتبار معنى العقد فيه فاعتبر فيه معنى الشرط وذلك بالتنصيص عليه ( وإذا عتق بأداء عين الخمر لزمه أن يسعى في قيمته ) لأنه وجب عليه رد رقبته لفساد العقد [ ص: 163 ] وقد تعذر بالعتق فيجب رد قيمته كما في البيع الفاسد إذا تلف المبيع . قال ( ولا ينقص عن المسمى ويزاد عليه ) لأنه عقد فاسد فتجب القيمة عند هلاك المبدل بالغة ما بلغت كما في البيع الفاسد ، وهذا لأن المولى ما رضي بالنقصان والعبد رضي بالزيادة كي لا يبطل حقه في العتق أصلا فتجب قيمته بالغة ما بلغت ، [ ص: 164 ] وفيما إذا كاتبه على قيمته يعتق بأداء القيمة لأنه هو البدل .
وأمكن اعتبار معنى العقد فيه وأثر الجهالة في الفساد ، [ ص: 165 ] بخلاف ما إذا كاتبه على ثوب حيث لا يعتق بأداء ثوب لأنه لا يوقف فيه على مراد العاقد لاختلاف أجناس الثوب فلا يثبت العتق بدون إرادته .