قال ( وإذا قوم كل واحد على حدته وقسم بالقيمة ولا معتبر بغير ذلك ) قال [ ص: 444 ] رضي الله عنه : هذا عند كان سفل لا علو عليه وعلو لا سفل له وسفل له علو رحمه الله : وقال محمد أبو حنيفة رحمهما الله : يقسم بالذرع ; وأبو يوسف أن السفل يصلح لما لا يصلح له العلو من اتخاذه بئر ماء أو سردابا أو إصطبلا أو غير ذلك فلا يتحقق التعديل إلا بالقيمة ، وهما يقولان إن القسمة بالذرع هي الأصل ، لأن الشركة في المذروع لا في القيمة فيصار إليه ما أمكن ، والمراعى التسوية في السكنى لا في المرافق ثم اختلفا فيما بينهما في كيفية القسمة بالذرع فقال لمحمد رحمه الله : ذراع من سفل بذراعين من علو وقال أبو حنيفة رحمه الله : ذراع بذراع قيل أجاب كل واحد منهم على عادة أهل عصره أو أهل بلده في تفضيل السفل على العلو واستوائهما وتفضيل السفل مرة والعلو أخرى . أبو يوسف
وقيل هو اختلاف معنى ووجه قول رحمه الله أن منفعة السفل تربو على منفعة العلو بضعفه لأنها تبقى بعد فوات [ ص: 445 ] العلو ، ومنفعة العلو لا تبقى بعد فناء السفل ، وكذا السفل فيه منفعة البناء والسكنى ، وفي العلو السكنى لا غير إذ [ ص: 446 ] لا يمكنه البناء على علوه إلا برضا صاحب السفل ، فيعتبر ذراعان منه بذراع من السفل أبي حنيفة أن المقصود أصل السكنى وهما يتساويان فيه ، والمنفعتان متماثلتان لأن لكل واحد منهما أن يفعل ما لا يضر بالآخر على أصله ولأبي يوسف أن المنفعة تختلف باختلاف الحر والبرد بالإضافة إليهما فلا يمكن التعديل إلا بالقيمة ، والفتوى اليوم على قول ولمحمد رحمه الله وقوله لا يفتقر إلى التفسير ، وتفسير قول محمد رحمه الله في مسألة الكتاب أن يجعل بمقابلة مائة ذراع من العلو المجرد ثلاثة وثلاثون وثلث ذراع من البيت الكامل لأن العلو مثل نصف السفل فثلاثة وثلاثون وثلث من السفل ستة وستون وثلثان من العلو المجرد ومعه ثلاثة وثلاثون وثلث ذراع من العلو فبلغت مائة ذراع تساوي مائة من العلو المجرد ، ويجعل بمقابلة مائة ذراع من السفل المجرد من البيت الكامل ستة وستون وثلثا ذراع ، لأن علوه مثل نصف سفله فبلغت مائة ذراع كما ذكرنا ، والسفل المجرد ستة وستون وثلثان لأنه ضعف العلو فيجعل بمقابلة مثله وتفسير قول أبي حنيفة أن يجعل بإزاء خمسين ذراعا من البيت الكامل مائة ذراع من السفل المجرد ، ومائة ذراع من العلو المجرد ، لأن السفل والعلو عنده سواء ، فخمسون ذراعا من البيت الكامل بمنزلة مائة ذراع خمسون منها سفل وخمسون منها علو قال ( وإذا أبي يوسف قبلت شهادتهما ) قال رضي الله عنه : هذا الذي ذكره قول اختلف المتقاسمون وشهد القاسمان أبي حنيفة وقال وأبي يوسف : لا تقبل ، وهو قول محمد أولا ، وبه قال أبي يوسف . الشافعي
وذكر قول الخصاف مع قولهما وقاسما القاضي وغيرهما سواء ، محمد أنهما شهدا على فعل أنفسهما فلا تقبل ، كمن علق عتق عبده بفعل غيره فشهد ذلك الغير على فعله ولهما أنهما شهدا على فعل غيرهما وهو الاستيفاء والقبض لا على فعل أنفسهما ، لأن فعلهما التمييز ولا حاجة إلى الشهادة عليه ، أو لأنه لا يصلح مشهودا به لما أنه غير لازم ، وإنما يلزمه بالقبض والاستيفاء وهو فعل الغير فتقبل الشهادة عليه وقال لمحمد : إذا قسما بأجر لا تقبل الشهادة بالإجماع ، وإليه مال بعض المشايخ لأنهما يدعيان إيفاء عمل استؤجرا عليه فكانت شهادة صورة ودعوى معنى فلا تقبل إلا أنا نقول : هما لا يجران بهذه الشهادة إلى أنفسهما مغنما [ ص: 447 ] لاتفاق الخصوم على إيفائهما العمل المستأجر عليه وهو التمييز ، وإنما الاختلاف في الاستيفاء فانتفت التهمة ( ولو الطحاوي لا تقبل ) لأن شهادة الفرد غير مقبولة على الغير ، ولو أمر القاضي أمينه بدفع المال إلى آخر يقبل قول الأمين في دفع الضمان عن نفسه ولا يقبل في إلزام الآخر إذا كان منكرا ، والله أعلم شهد قاسم واحد
.