( قوله ، وإن أعاده أو استقاء أو ابتلع حصاة أو حديدا قضى فقط ) أي فسد صومه ولزمه القضاء ، ولا كفارة عليه ، وأطلق في الإعادة فشمل ما إذا لم يملأ الفم ، وهو قول أعاد القيء أو قاء عامدا وابتلع ما لا يتغذى به ، ولا يتداوى به عادة لوجود الصنع وقال محمد : لا يفسد لعدم الخروج شرعا ، وهو المختار فلا بد من التقييد بملء الفم وأطلق في الاستقاء فشمل ما إذا لم يملأ الفم ، وهو قول أبو يوسف ، ولا يفطر عند محمد ، وهو المختار لكن ذكر أبي يوسف المصنف في كافيه أن ظاهر الرواية كقول : وإنما لم يقيد الاستقاء بالعمد كما في الهداية لما قدمه أن النسيان لا يفطر محمد
وما في غاية البيان أن ذكر العمد مع الاستقاء تأكيد ; لأنه لا يكون إلا مع العمد مردود ; لأن العمد يخرج النسيان إن متعمدا لفطره لا متعمدا للقيء فالحاصل أن صور المسائل اثنا عشر ; لأنه لا يخلو إما أن ذرعه القيء أو استقاء وكل منهما لا يخلو إما أن يملأ الفم أو لا وكل من الأربعة أما إن عاد بنفسه أو أعاده أو خرج ، ولم يعده ، ولا عاد بنفسه ، وأن صومه لا يفسد على الأصح في الجميع إلا في مسألتين في الإعادة بشرط ملء الفم ، وفي الاستقاء بشرط ملء [ ص: 296 ] الفم ، وأن وضوءه ينتقض إلا فيما إذا لم يملأ الفم ، وأما الصلاة ففي الظهيرية منها لو قاء أقل من ملء الفم لم تفسد صلاته ، وإن أعاده إلى جوفه يجب أن يكون على قياس الصوم عند لا تفسد وعن أبي يوسف تفسد ، وإن محمد إن كان أقل من ملء الفم لا تفسد صلاته ، وإن كان ملء الفم تفسد صلاته ا هـ . تقيأ في صلاته
وفي الخلاصة من فصل الحدث في الصلاة فلو قاء إن كان من غير قصده يبني إذا لم يتكلم ، وإن تقيأ لا يبني ، وهذا إذا كان ملء الفم فإن كان أقل من ذلك لا تفسد صلاته فلا حاجة إلى البناء ا هـ .
وأطلق في أنواع القيء والاستقاء فشمل ما إذا استقاء بلغما ملء الفم ، وهو قول وعند أبي يوسف أبي حنيفة : لا يفسد صومه بناء على الاختلاف في انتقاض الطهارة وقول ومحمد هنا أحسن وقولهما في عدم النقض به أحسن ; لأن الفطر إنما أنيط بما يدخل أو بالقيء عمدا من غير نظر إلى طهارة ونجاسة فلا فرق بين البلغم وغيره بخلاف نقض الطهارة كذا في فتح القدير وتعبيري بالاستقاء في البلغم أولى مما في الشرح وغيره من التعبير بالقيء كما لا يخفى ، ولو استقاء مرارا في مجلس ملء فيه لزمه القضاء ، وإن كان في مجالس أو غدوة ثم نصف النهار ثم عشية لا يلزمه كذا في خزانة الأكمل وتعبيري بالاستقاء أولى من التعبير بالقيء كما في الشرح ، وينبغي أن يعتبر عند أبي يوسف اتحاد السبب لا المجلس كما في نقض الوضوء وأن يكون هو الصحيح كما في النقض ، وينبغي أن يكون ما في الخزانة مفرعا على قول محمد أما على قول أبي يوسف فإنه يبطل صومه بالمرة الأولى ، وأما إذا ابتلع ما لا يتغذى به ، ولا يتداوى به كالحصاة والحديد فلوجود صورة الفطر ، ولا كفارة لعدم معناه ، وهو إيصال ما فيه نفع البدن إلى الجوف فقصرت الجناية ، وهي لا تجب إلا بكمالها فانتفت محمد
وفي القنية فعليه الكفارة زجرا له وكتب غيره نعم الفتوى على ذلك وبه أفتى أئمة الأمصار ، وإنما عبر بالابتلاع دون الأكل ; لأنه عبارة عن إيصال ما يأتي فيه المضغ ، وهو لا يتأتى في الحصاة وكذا كل ما لا يتغذى به ، ولا يتداوى به كالحجر والتراب والدقيق على الأصح والأرز والعجين والملح إلا إذا اعتاد أكله وحده ، ولا في النواة والقطن والكاغد والسفرجل إذا لم يدرك ، ولا وهو مطبوخ ، ولا في ابتلاع الجوزة الرطبة ، ويجب لو مضغها أو مضغ اليابسة لا إن ابتلعها ، وكذا يابس اللوز والبندق والفستق إن ابتلعه لا يجب ، وإن مضغه وجبت كما يجب في ابتلاع اللوزة الرطبة ; لأنها تؤكل كما هي بخلاف الجوزة ، وابتلاع التفاحة كاللوزة ، والرمانة والبيضة كالجوزة ، وفي ابتلاع البطيخة الصغيرة والخوخة الصغيرة والهليلجة روي عن أفطر في رمضان مرة بعد أخرى بتراب أو مدر لأجل المعصية وجوب الكفارة ، وتجب بأكل اللحم النيء ، وإن كان ميتة منتنا لا إن دود فلا تجب محمد
واختلف في الشحم واختار الوجوب وصححه في الظهيرية فلو كان قديدا وجب بلا خلاف ، وتجب بأكل كل الحنطة وقضمها لا إن مضغ قمحة للتلاشي أبو الليث
[ ص: 297 ] ولا تجب بأكل الشعير إلا إذا كان مقليا كذا في الظهيرية ، وتجب بالطين الأرمني ، وكذا بغيره على من يعتاد أكله كالمسمى بالطفل لا على من لا يعتاده ، ولا بأكل الدم في ظاهر الرواية ، وإن أكل ورق الشجر فإن كان مما يؤكل كورق الكرم فعليه القضاء والكفارة ، وإن كان مما لا يؤكل كورق الكرم إذا عظم فعليه القضاء دون الكفارة ، ولو أكل قشور الرمان بشحمتها أو ابتلع رمانة فلا كفارة ، وهو محمول على ما إذا أكل مع القشر ، ولو أكل قشر البطيخ إن كان يابسا وكان بحال يتقذر منه فلا كفارة ، وإن كان طريا لا يتقذر منه فعليه الكفارة
وإن أكل كافورا أو مسكا أو زعفرانا فعليه الكفارة وإذا لا رواية لها في الأصول قال أكل لقمة كانت في فيه وقت السحر ، وهو ذاكر لصومه أبو حفص الكبير : إن كانت لقمة غيره لا كفارة عليه ، وإن كانت لقمته فابتلعها من غير أن يخرجها من فمه فعليه الكفارة هو الصحيح ، وإن أخرجها إن بردت فلا كفارة ; لأنها صارت مستقذرة ، وإن لم تبرد وجبت ; لأنها قد تخرج لأجل الحرارة ثم تدخل ثانيا كذا في الظهيرية .