الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : أو طاف للركن محدثا ) أي يلزمه شاة لترك الطهارة ; لأنه أدخل نقصا في الركن فصار كترك شوط منه ، وظاهر كلام غاية البيان أن الدم واجب اتفاقا أما على القول بوجوبها ، وهو الأصح فظاهر ، وأما على القول بسنيتها فلأنه لا يمتنع أن تكون سنة ، ويجب بتركها الكفارة ، ولهذا قال : محمد فيمن أفاض من عرفة قبل الإمام يجب عليه دم ; لأنه ترك سنة الدفع . ا هـ .

                                                                                        وبهذا علم أن الخلف لفظي لا ثمرة له ، وإنما كانت الطهارة واجبة لما ثبت في الصحيحين { عن عائشة أنها حاضت فقال لها عليه السلام : اقض ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت } .

                                                                                        رتب منع الطواف على انتفاء الطهارة ، وهذا حكم وسبب ، وظاهره أن الحكم يتعلق بالسبب فيكون المنع لعدم الطهارة لا لعدم دخول المسجد ، وإنما لم يكن شرطا كما قال الشافعي ; لأنه يلزمه تقييد مطلق القطعي ، وهو { وليطوفوا } بخبر الواحد ، وهو نسخ عندنا فلا يجوز كما عرف في الأصول . وأما قوله عليه السلام : { الطواف بالبيت صلاة } فالمراد به التشبيه في الثواب ، قيد بالحدث ; لأنه لو طاف ، وعلى ثوبه نجاسة أكثر من قدر الدرهم فإنه لا يلزمه شيء لكنه يكره [ ص: 20 ] لإدخال النجاسة المسجد ، ولم ينص في ظاهر الرواية إلا على الثوب ، والتعليل يفيد عدم الفرق بين الثوب والبدن ، وما في الظهيرية من أن نجاسة الثوب كله فيه الدم لا أصل له في الرواية فلا يعول عليه .

                                                                                        وأشار إلى أنه لو طاف منكشف العورة قدر ما لا تجوز الصلاة معه فإنه يلزمه دم لترك الواجب ، وهو ستر العورة كما صرح به في الظهيرية ، ودليل الوجوب قوله : عليه السلام { ألا لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان } بناء على أن خبر الواحد يفيد الوجوب عندنا ، وقيد بالركن ، وهو الأكثر ; لأنه لو طاف أقله محدثا ، ولم يعد وجب عليه لكل شوط نصف صاع من حنطة إلا إذا بلغت قيمته دما فإنه ينقص منه ما شاء كذا في غاية البيان .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : بوجوبها ) أي الطهارة ( قوله : وبهذا علم أن الخلف لفظي ) قال : في النهر فيه نظر إذ ثم ترك الواجب أشد . ا هـ . اللهم إلا أن يقال : مراده الثمرة في وجوب الدم ، وعدمه .




                                                                                        الخدمات العلمية