الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        وأما الخامس فالمال ، أطلقه فأفاد أنه لا بد من التساوي فيه وهو قول أبي بكر الإسكاف قال في النوازل عنه إذا كان للرجل عشرة آلاف درهم يريد أن يتزوج امرأة ، لها مائة ألف وأخوها لا يرضى بذلك قال : لأخيها أن يمنعها من ذلك ولا يكون كفؤا وجعله في المجتبى قول أبي حنيفة وقيده في الهداية بأن يكون مالكا للمهر والنفقة ، وهذا هو المعتبر في ظاهر الرواية حتى أن من لا يملكهما أو لا يملك أحدهما لا يكون كفؤا ; لأن المهر بدل البضع فلا بد من إيفائه وبالنفقة قوام الازدواج ودوامه والمراد بالمهر قدر ما تعارفوا تعجيله ; لأن ما وراءه مؤجل عرفا ا هـ .

                                                                                        وصححه في التبيين ودخل في النفقة الكسوة كما في المعراج والعناية ، وذكر الولوالجي رجل ملك ألف درهم فتزوج امرأة بألف درهم وعليه دين ألف درهم ومهر مثلها ألف جاز النكاح ، وهذا الرجل كفء لها وإن كانت الكفاءة بالقدرة على المهر ; لأن هذا الرجل قادر على المهر فإنه يقضي أي الدينين شاء بذلك . ا هـ .

                                                                                        واختلفوا في قدر النفقة ، فقيل يعتبر نفقة ستة أشهر ، وقيل نفقة شهر وصححه في التجنيس وفي المجتبى والصحيح أنه إذا كان قادرا على النفقة على طريق الكسب كان كفؤا ا هـ .

                                                                                        فقد اختلف التصحيح وتصحيح المجتبى أظهر كما لا يخفى وفي الذخيرة إذا كان يجد نفقتها ولا يجد نفقة نفسه يكون كفؤا وإن لم يجد نفقتها لا يكون كفؤا وإن كانت فقيرة ولو كانت الزوجة صغيرة لا تطيق الجماع فهو كفء وإن لم يقدر على النفقة ; لأنه لا نفقة لها وفي المجتبى والصبي كفء بغنى أبيه وهو الأصح ا هـ .

                                                                                        يعني بالنسبة إلى المهر ، وأما في النفقة فلا يعد غنيا بغنى أبيه ; لأن العادة أن الآباء يتحملون المهر عن الأبناء ولا يتحملون النفقة كذا في الذخيرة والواقعات وفي التبيين ، وقيل : إن كان ذا جاه كالسلطان والعالم يكون كفؤا وإن لم يملك إلا النفقة ; لأن الخلل ينجبر به ومن ثم قالوا : الفقيه العجمي يكون كفؤا للعربي الجاهل . ا هـ .

                                                                                        وظاهر كلامهم أن القدرة على المهر والنفقة لا بد منه في كل زوج عربيا كان أو عجميا لكل امرأة ولو كانت فقيرة بنت فقراء [ ص: 143 ] كما صرح به في الواقعات معللا بأن المهر والنفقة عليه فيعتبر هذا الوصف في حقه ا هـ .

                                                                                        ففي إدخال القدرة عليهما في الكفاءة إشكال ; لأن الكفاءة المماثلة ، وهذا شرط في حق الزوج فقط لكن قدمنا أنها شرعا المماثلة أو كون المرأة أدنى .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : فقيل يعتبر نفقة ستة أشهر ) نقله في التتارخانية عن المنتقى عن محمد ، ونقل في الخانية والتجنيس عن بعضهم نفقة سنة . ( قوله وتصحيح المجتبى أظهر ) جمع بين القولين في النهر ، فقال ولو قيل إن كان غير محترف فنفقة شهر وإلا فأن يكتسب كل يوم قدر ما يحتاج إليه لكان حسنا ثم رأيته في الخانية نقل ما في المجتبى عن الثاني ، ثم قال والأحسن في [ ص: 143 ] المحترفين قوله ، وهذا يشير إلى ما قلنا .




                                                                                        الخدمات العلمية