الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        وفي الخانية قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق ، ونوى من بلد كذا أو نوى امرأة حبشية أو غيرها لا يكون مصدقا في ظاهر الرواية قضاء ، ولو قال أي امرأة أتزوجها فهي طالق كانت على امرأة واحدة إلا أن ينوي جميع النساء ، ولو قال إن تزوجت امرأة من بنات فلان فهي طالق ، وليس لفلان بنت ثم ولد له بنت فتزوجها الحالف قالوا لا يحنث في يمينه ، ويشترط قيام البنت وقت اليمين ، ولا يدخل في اليمين ما يحدث بعد اليمين كما لو حلف أن لا يتزوج من أهل هذه الدار ، وليس لتلك الدار أهل ثم سكنها قوم فتزوج الحالف منهم امرأة لا يحنث في يمينه ، ويشترط وجود الأهل عند اليمين إلا أن هذا الجواب يوافق قول محمد ، وأما قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف يدخل في هذا اليمين من كان موجودا وقت اليمين ، ومن يحدث بعده كمن حلف أن لا يكلم ابن فلان ، وليس لفلان ابن ثم ولد له ابن فكلمه الحالف حنث في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ، ولا يحنث في قول محمد ، ولو قال والله لا أتزوج امرأة من أهل الكوفة فتزوج امرأة من أهل الكوفة ولدت بعد اليمين حنث ، فرق محمد بين هذا ، وبين بنت فلان .

                                                                                        لأن أهل الكوفة قوم لا يحصون فلم يكن الحامل على اليمين غيظ لحقه من جهة الأهل بل الحامل على اليمين معنى في الكوفة فيدخل الموجود ، والحادث بخلاف بنت فلان لأن الحامل على اليمين غيظ لحقه من جهة فلان فيدخل فيه الموجود لا الحادث ، ولو حلف أن لا يتزوج من نساء أهل البصرة فتزوج جارية ولدت بالبصرة ونشأت بالكوفة واستوطنت بها حنث الحالف في قول أبي حنيفة لأن المعتبر عنده في هذه الولادة ، ولو حلف أن لا يتزوج من أهل بيت فلان فتزوج بنت بنت فلان لا يحنث لأن هذا الاسم لا يتناول أولاد البنات ، ولو قال إن تزوجت امرأة إلى خمس سنين فهي طالق فتزوج في السنة الخامسة طلقت لأنها لا تنتهي قبل مضي السنة الخامسة كما لو أجر داره إلى خمس سنين ، ولو قال إن أكلت من خبز والدي ما لم أتزوج فاطمة فكل امرأة أتزوجها فهي طالق فأكل ثم تزوج فاطمة بعد الأكل طلقت ، ولو قال كل امرأة أتزوجها ما لم أتزوج فاطمة فهي طالق فماتت فاطمة أو غابت فتزوج غيرها طلقت في الغيبة ، ولا تطلق في الموت أما في الغيبة فلأنه ما تزوج فاطمة حال بقاء اليمين فيحنث ، وأما في الموت [ ص: 11 ] فلا يحنث في قول أبي حنيفة ومحمد لأن عندهما يمينه تبطل بالموت فلا يحنث بعده ، ولو قال كل امرأة أتزوجها فقد بعت طلاقها منك بدرهم ثم تزوج بامرأة فقالت التي كانت عنده حين علمت بنكاح غيرها قبلت أو قالت طلقتها أو قالت اشتريت طلاقها طلقت التي تزوجها ، وإن قالت التي كانت عنده قبل أن يتزوج أخرى قبلت لا يصح قبولها لأن ذلك قبول قبل الإيجاب ا هـ .

                                                                                        وفي الكافي للحاكم لو قال يوم أتزوجك فأنت طالق ، وأنت طالق ، وأنت طالق ثم تزوجها طلقت واحدة في قول أبي حنيفة ، وثلاثا عندهما ، ولو قال يوم أتزوجك فأنت طالق يوم أتزوجك فأنت طالق يوم أتزوجك فأنت طالق ثم تزوجها طلقت ثلاثا ، وكذلك إن ، وإذا ، ومتى ، وكلما ، وإن قال أنت طالق ، وطالق ، وطالق يوم أتزوجك ثم تزوجها طلقت ثلاثا بخلاف ما إذا أخر الطلاق فإن الأولى تقع فقط ا هـ .

                                                                                        ثم قال لو قال إذا تزوجت امرأة فهي طالق فتزوج امرأتين في عقدة واحدة فإحداهما طالق ، والخيار له ، وإن نوى امرأة ، وحدها لم يدين في انقضاء ، ولو قال إن تزوجت امرأة وحدها لم تطلق واحدة منهما فإن تزوج أخرى بعدها طلقت . ا هـ .

                                                                                        وفي القنية قال لأجنبية إن دخلت الدار فأنت طالق من جهتي أو طلقتك صح ، وصار كأنه قال إن دخلت الدار ، وتزوجتك فأنت طالق ، ولو قال لأجنبية إن ولدت فأنت طالق مني فتزوجها فولدت طلقت . ا هـ . وهو مشكل ، ولو زاد قوله من جهتي كما لا يخفى .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية