( قوله حتى لو خالعها أو بارأها بمال معلوم كان للزوج ما سمت له ، ولم يبق لأحدهما قبل صاحبه دعوى في المهر مقبوضا كان أو غير مقبوض قبل الدخول بها أو بعده ) لأن الخلع كالبراءة يقتضي البراءة من الجانبين لأنه ينبئ عن الخلع ، وهو الفصل ، ولا يتحقق ذلك إلا لم يبق لكل واحد منهما قبل صاحبه حق ، وإلا تحققت المنازعة بعده ، والمبارأة بالهمزة ، وتركها خطأ ، وهي أن يقول الزوج برئت من نكاحك بكذا كذا في شرح الوقاية ، ولا يخفى وقوع الطلاق البائن في هذه الصورة ، وقد صورها في فتح القدير بأن يقول بارأتك على ألف ، وتقبل ، ولم يذكر وقوع الطلاق به ، وقد صرح بوقوع الطلاق بهذا اللفظ في الخلاصة ، والبزازية لكن قال فيها نية الطلاق في الخلع ، والمبارأة شرط الصحة إلا أن المشايخ لم يشترطوه في الخلع لغلبة الاستعمال ، ولأن الغالب كون الخلع بعد مذاكرة الطلاق فلو كانت المبارأة أيضا كذلك لا حاجة إلى النية ، وإن كان من الكنايات ، وإن لم يكن كذلك فبقيت مشروطة في المبارأة ، وسائر الكنايات على الأصل ا هـ . ويسقط الخلع والمبارأة كل حق لكل واحد على الآخر مما يتعلق بالنكاح
وشمل أول كلامه ستة عشر وجها لأنه لا يخلو إما أن لا يسميا شيئا أو سميا المهر أو مالا آخر ، وكل وجه على وجهين إما أن يكون المهر مقبوضا أو لا ، وكل على وجهين إما أن يكون قبل الدخول أو بعده فإن لم يسميا شيئا برئ كل منهما كما صححه في الخلاصة ، والبزازية ، وعبارة الخلاصة لو فهو على وجوه الأول أن يسكت عنه ذكر خالعها ، ولم يذكر العوض عليها شمس الأئمة السرخسي في نسخته أنه يبرأ كل واحد منهما عن دعوى صاحبه [ ص: 95 ] وذكر الإمام خواهر زاده أن هذا إحدى الروايتين عن ، وهو الصحيح ، وإن لم يكن على الزوج مهر فعليها رد ما ساق إليها من المهر لأن المال مذكور عرفا بذكر الخلع ، وفي رواية عن أبي حنيفة ، وهو قولهما أنه لا يبرأ أحدهما عن صاحبه . ا هـ . أبي حنيفة
وهكذا ذكر في البزازية وظاهر عبارتهما أولا أن المهر إذا كان مقبوضا فلا رجوع له عليها وصريح كلامهما ثانيا الرجوع وقد صرح قاضي خان في فتاويه في هذه الصورة بأنها ترد ما ساق إليها من المهر فحينئذ يبرأ كل منهما عن صاحبه وقد ظهر لي أن محل البراءة لكل منهما ما إذا فإنه يبرأ عن مؤجله وتبرأ هي عن معجله ولذا قال في المحيط وهو الصحيح أنه يسقط من المهر ما قبضت المرأة فهو لها وما كان باقيا في ذمة الزوج يسقط ا هـ . خالعها بعدما دفع لها معجل المهر وقد بقي مؤجله
وفي البزازية لا يسقط شيء من المهر ويقع الطلاق البائن بقوله إذا نوى ولا دخل لقبولها حتى إذا نوى الزوج الطلاق ولم تقبل المرأة يقع البائن وإن قال لم أرد الطلاق لا يقع ويصدق قضاء وديانة بخلاف قوله خالعتك فقالت قبلت يقع الطلاق والبراءة ا هـ . قال لها خالعتك فقالت قبلت
وحاصله أن الفرق بين خلعتك وخالعتك من وجهين الأول أن خلعتك لا يتوقف على القبول بخلاف خالعتك . الثاني لا يبرأ في الأول ويبرأ في الثاني فلذا قال في الكتاب حتى لو خالعها بصيغة [ ص: 96 ] المفاعلة . الثاني أن يصرح بنفي العوض فيه كما لو صح بغير شيء لأنه صريح في عدم المال ، ووقوع البائن كذا في البزازية يعني فلا يبرأ كل منهما عن حق صاحبه كما لا يخفى الثالث أن يقع ببدل على الزوج قال في البزازية قال قال لها اخلعي نفسك مني بغير شيء ففعلت وقبل الزوج في الأسرار يجوز الخلع ، ولا يجوز بدل المال ، وقال بعضهم يجوز ، والمختار الجواز وطريقه أن يحمل على الاستثناء من المهر لأن الخلع يوجب براءته من المهر فكأنه قال إلا قدرا من المهر فإنه لا يسقط عني فإن لم يكن عليه مهر يجعل كأن ذلك القدر استثني عن نفقة العدة فإن زاد على نفقة العدة يجعل كأنه راد على مهرها ذلك القدر قبل الخلع ثم خالع تصحيحا للخلع بقدر الإمكان . ا هـ . الإمام
وبه علم حكم ما إذا فإنه صحيح الرابع أن يقع بشرط أن يكون المهر لولدها أو لأجنبي قال في البزازية خالعها ، واشترطت عليه أن يدفع لها بعض المهر جاز ، والمهر للزوج لا لغيره ا هـ . خالعها على أن يجعل صداقها لولدها أو لأجنبي
وإن سميا المهر فإن كان مقبوضا رجع بجميعه ، وإلا سقط عنه كله مطلقا في الأحوال كلها ، وفي البزازية رجع عليها بقيمة ذلك إن عروضا ، وبالمثل في المكيلات ، والموزونات كأنه استحق بدل الخلع فيرجع بالقيمة . ا هـ . خلع زوجته على أن ترد عليه جميع ما قبضت منه ، وكانت ، وهبته أو باعته من إنسان ، ولم ترد ذلك عليه
وفيها خالعها بغير خسران يلحق الزوج فإذا أبرأته عن مهرها يقع الطلاق ، وإلا لا لأن ارتفاع الخسران يكون بسلامة المهر له . ا هـ .
وإن سميا بعض المهر كالعشر مثلا فإن كان مقبوضا رجع بالمسمى فقط إن كان بعد الدخول ، وسلم لها الباقي ، وبنصفه فقط إن كان قبله ، وإن لم يكن مقبوضا سقط الكل مطلقا المسمى بحكم الشرط ، والباقي بحكم لفظ الخلع ، وإن سميا مالا آخر غير المهر فله المسمى ، وبرئ كل منهما مطلقا في الأحوال كلها ، وبما قررناه ظهر أن قولهم الخلع يسقط كل الحقوق ليس في جميع الصور ، ويستثنى منه ما إذا فإنها ترده ، ولا تبرأ ، ومقتضى إطلاقهم البراءة إلا أن يقال إن مرادهم البراءة عن سائر الحقوق ما عدا بدل الخلع ، والمهر بدل الخلع فلا تبرأ عنه كما لو كان مالا آخر ، وبما قررناه ظهر أن الوجوه أربعة ، وعشرون لأنه إما أن يسكتا عن البدل أو ينفى أو يشترط على الزوج أو عليها أو مهرها أو بعضه . خالعها على مهرها أو بعضه ، وكان مقبوضا
وكل على وجهين إما أن يكون مقبوضا أو لا ، وكل على وجهين إما أن يكون قبل الدخول أو بعده هذا إن كان المسمى معلوما موجودا متقوما أو مجهولا جهالة مستدركة كثوب هروي أو مروي ، وإن فحشت الجهالة كمطلق ثوب أو تمكن الخطر بأن خلعها على ما يثمر نخلها العام أو على ما في البيت ، وليس فيه شيء بطلت التسمية ، وردت ما قبضت من المهر كذا في البزازية ، وقدمناه ثم اعلم أنه بقي هنا صورة ، وهي ما في البزازية صح ، ولزم الزوج عشرون دليله ما ذكر في الأصل اختلعت مع زوجها على مهرها ، ونفقة عدتها على أن الزوج يرد عليها عشرين درهما وفيه دليل على أن إيجاب بدل الخلع عليه يصح ، وفي صلح خالعت على دار على أن الزوج يرد عليها ألفا لا شفعة فيه القدوري لم يجز ، وفي بعض النسخ جاز ، والرواية الأولى تخالف المتقدم ، والتوفيق أنها إذا خالعت على بدل يجوز إيجاب البدل على الزوج أيضا ، ويكون مقابلا ببدل الخلع ، وكذا إذا لم يذكر نفقة العدة في الخلع ، ويكون تقديرا لنفقة العدة أما إذا خالعت على نفقة العدة ، ولم تذكر عوضا آخر ينبغي أن لا يجب بدل الخلع على الزوج ، وقد ذكرنا ما فيه من الوجه ا هـ . ادعت عليه نكاحا ، وصالحها على مال بذله لها
قيد بالخلع ، والمبارأة لأن الطلاق على مال لا يسقط شيئا مما يتعلق بالنكاح في ظاهر الرواية ، وصححه الشارحون وقاضي خان ، وفي البزازية ، والولوالجية ، وعليه [ ص: 97 ] الفتوى بعد أن حكي أن فيه روايتين عن ، وأن عندهما هو كالخلع ، وفي موضع منها طلقها على ألف قبل الدخول ، ولها عليه ثلاثة آلاف تسقط ألف وخمسمائة بالطلاق قبل الدخول ، وبقي عليه ألف وخمسمائة ، وتقاصا بألف ، ولا ترجع عليه بخمسمائة عند الإمام ، وترجع عند غيره ، وعليه الفتوى بناء على أن صريح الطلاق بقدر من المال هل يوجب البراءة من المهر عند البلخي أم لا الإمام يوجبه ، وغيره لا ا هـ . فالبلخي
ثم اعلم أن الأولى في التعبير أن يقال إن الطلاق على مال لا يسقط المهر فقد صرح في شرح الوقاية ، والخلاصة ، والبزازية ، والجوهرة بأن النفقة المقتضى بها تسقط بالطلاق ، وأطلقوه فشمل الطلاق بمال ، وغيره ، وسنتكلم عليه إن شاء الله تعالى في كتاب النفقات ، وأما فقال الخلع بلفظ البيع والشراء قاضي خان في فتاواه إنه لا يوجب البراءة عن المهر إلا بذكره اتفاقا ، وهو الصحيح ، وصحح في الفتاوى الصغرى أنه يوجب البراءة كالخلع ، واختاره العمادي في الفصول ، وأطلق في الحق فشمل المهر والنفقة المفروضة والماضية والكسوة كذلك ، وأما المتعة فقيل في البزازية تسقط المتعة بلا ذكر . ا هـ . خالعها قبل الدخول ، وكان لم يسم مهرا
وأما نفقة العدة فلم تدخل تحت العموم لأنها لم تكن واجبة قبل الخلع لتسقط به ، وإنما تسقط بالتنصيص قال البزازي تصح ، وإن لم تجب النفقة بعد ، وهي مجهولة لدخولها تبعا كبيع الشرب تبعا للأرض ، وإن كان مجهولا ، وفي شرح اختلعت بمهرها ، ونفقة عدتها الطحاوي صح ، ولا تجب النفقة بخلاف ما لو خالعها على نفقة العدة لا يصح . أبرأت الزوج عن النفقة في المستقبل
وفي الظهيرية إن لا يصح ، وكذا بعد الطلاق ، وقيل يصح ، وهو الأشبه ا هـ . أبرأته عن نفقة العدة بعد الخلع
ما في البزازية ، وفيها في موضع آخر تثبت البراءة عنهما لأن المهر ثابت قبل الخلع ، وبعده تثبت نفقتها . ا هـ . اختلعت بتطليقة بائنة على كل حق يجب للنساء على الرجال قبل الخلع وبعده ، ولم يذكر الصداق ونفقة العدة
وفي الخانية من العدة إن كانت عدتها بالأشهر جاز الصلح لأن زمان العدة معلوم ، وإن كانت عدتها بالحيض لا يجوز لأن المدة غير معلومة . ا هـ . رجل طلق امرأته ثم صالحته من نفقة العدة على شيء
وأما السكنى فلم يصح إسقاطها بحال لما أن سكناها في غير بيت الطلاق معصية إلا إن أبرأته عن مؤنة السكنى بأن كانت ساكنة في بيت نفسها أو تعطي الأجرة من مالها فيصح التزامها ذلك كذا في فتح القدير ، وأما إذا شرطا البراءة من نفقة الولد ، وهي مؤنة الرضاع إن وقتا لذلك وقتا كسنة مثلا صح ، ولزم ، وإلا لا يصح ، وفي المنتقى إن كان الولد رضيعا صح ، وإن لم يبين المدة ، وترضعه حولين ا هـ .
بخلاف الفطيم كذا في فتح القدير ، واقتصر في البزازية على ما في المنتقى فإن تركته على الزوج ، وهربت فللزوج أن يأخذ قيمة النفقة منها ، ولها أن تطالبه بكسوة الصبي إلا إذا اختلعت على نفقته وكسوته فليس لها أن تطالبه ، وإن كانت الكسوة مجهولة سواء كان الولد رضيعا أو فطيما ، ولو يجبر عليها ، وعليه الاعتماد لا على ما أفتى به بعضهم من سقوط النفقة كذا في فتح القدير ، وهو المذكور في القنية . خالعته على نفقة ولده شهرا ، وهي معسرة فطالبته بنفقته
وإن مات الولد قبل تمام الوقت كان للزوج الرجوع عليها بحصة الأجر إلى تمام المدة ، والحيلة في براءتها أن يقول الزوج خالعتك على أني بريء من نفقة الولد إلى سنتين فإن مات الولد قبلها فلا رجوع لي عليك كذا في الخانية بخلاف ما لو استأجر الظئر للإرضاع سنة بكذا على أنه إن مات قبلها فالأجر كله لها فالإجارة فاسدة كذا في إجارات الخلاصة ، ومقتضى مسألة موت الولد قبل المدة أن نفقة العدة لو جعلت بدلا في الخلع ثم لم تسكن في منزل الطلاق حتى صارت ناشزة ، وسقطت نفقتها أن يرجع الزوج عليها بالنفقة ، وأنه إذا شرط أنها إذا لم تكن فلا رجوع أن يصح الشرط كما لا يخفى .
[ ص: 98 ] فإن قلت إذا خالعها على نفقة العدة ثم تزوجها بعد خمسة أيام مثلا فهل يرجع عليها ببقية النفقة قلت نعم لما في القنية يرجع بنفقة بقية العدة وبقية نفقة ولده سنة . ا هـ . اختلعت نفسها بالمهر ، ونفقة العدة ، ونفقة ولده سنة ثم مات الولد بعد خمسة أيام ، وتزوجها
وهو دليل لما ذكرناه في مسألة النشوز ثم اعلم أن موتها ، وعدم وجود ولد في بطنها كموته في أثناء المدة من كونها ترد قيمة الرضاع كما في المحيط ، ولو اختلعت على أن تمسكه إلى وقت البلوغ صح في الأنثى لا الغلام ، وإذا تزوجت فللزوج أن يأخذ الولد ، ولا يتركه عندها ، وإن اتفقا على ذلك لأن هذا حق الولد ، وينظر إلى مثل إمساك الولد في تلك المدة فيرجع به عليها كذا في فتح القدير ، ومقتضاه أنها لو قصرت في الإنفاق عليه أن يرجع عليها بقيمة النفقة ، وينفق هو عليها نظرا له ، وفي الولوالجية من كتاب الصلحفإن الزوج يرجع عليها إذا كانت قيمة الثوب والمهر سواء بنصف قيمة الثوب ، وبربع قيمة الرضاع . صالحها على أن يطلقها على أن ترضع ولده سنتين على إن زادها ثوبا بعينه ، وقبضه فاستهلكته ، وأرضعت الصبي سنة ثم مات
ولو زادت مع ذلك شاة قيمتها مثل قيمة الرضاع رجع عليها بربع الثوب ، وبربع قيمة الرضاع ، وسلمت له الشاة ، وتوضيحه فيها ، وقد أطال في بيانه فليراجع قيد بقوله مما يتعلق بالنكاح لأنهما لا يوجبان البراءة من دين آخر سوى النكاح على الصحيح لأنه ، وإن كان مطلقا فقد قيدناه بحقوق النكاح لدلالة الغرض ، وادعى في الجوهرة الإجماع عليه ، وليس بصحيح فقد روي عن البراءة عن سائر الديون كما في فتح القدير فإن قلت لو اختلعت على أن لا دعوى لكل على صاحبه هل يشمل ما ليس من حقوق النكاح الإمام قلت مقتضى الإبراء العام ذلك لكن المنقول في البزازية يصح لأن البراءة تختص بحقوق النكاح . ا هـ . اختلعت على أن لا دعوى لكل على صاحبه ثم ادعى أن له عندها كذا من القطن
وكأنه لما وقع في ضمن الخلع تخصص بما هو من حقوق النكاح ، وأراد بالنكاح ما ارتفع بهذا الخلع لأنه إذا برئ الزوج عن المهر الذي يكون في النكاح الثاني دون الأول كذا في الخانية ، وإنما نص على المهر ليعلم سقوط باقي الحقوق بالأولى ، وأطلق النكاح فانصرف إلى الصحيح فالخلع في الفاسد غير مسقط لمهر المثل كما في البزازية ، وقيد بقوله خالعها المفيد لكونه خاطبها لأنه لو خالعها مع أجنبي بمال فإنه لا يسقط المهر لأنه لا ولاية للأجنبي في إسقاط حقها ، وهو خلع الفضولي ، وسنتكلم عليه مع خلع الوكيل ، والرسول إن شاء الله تعالى . تزوج امرأة على مهر مسمى ثم طلقها بائنة بعد الدخول ثم تزوجها ثانيا بمهر آخر ثم اختلعت منه على مهرها