قوله ( والاعتكاف ) بأن ; لأنه ليس مما يحلف به كعزل الوكيل فلا يصح تعليقه بالشرط ، كذا ذكر قال علي أن أعتكف إن شفى الله تعالى مريضي أو إن قدم زيد العيني وهذا يدل على أن المراد بالاعتكاف النذر به والتزامه ليكون قولا يمكن تعليقه وعندي أن ذكره هذا في هذا القسم خطأ من وجهين من كونه يبطل بالشروط الفاسدة ومن كونه لا يصح تعليقه ، أما الثاني فقال في القنية باب الاعتكاف قال فعليه اعتكاف شهر عند علمائنا . ا هـ . لله علي اعتكاف شهر إن دخلت الدار فدخل
فإذا صح تعليقه بالشرط لم يبطل بالشرط الفاسد لما في جامع الفصولين وما جاز تعليقه بالشرط لا تبطله الشروط الفاسدة . ا هـ .
لكنه ذكر إيجاب الاعتكاف من جملة ما لا يصح تعليقه بشرط ويبطل بفاسده ، وذكر في البزازية من هذا القسم إيجاب الاعتكاف فقال لا يصح ولا يلزم ، والعجب من وتعليق وجوب الاعتكاف بالشرط المحقق ابن الهمام في فتح القدير حيث جعل إيجاب الاعتكاف مما لا يصح تعليقه وعزاه إلى الخلاصة في كتاب البيوع ولم يقل في رواية مع أنه قدم في باب الاعتكاف أن الاعتكاف الواجب هو المنذور تنجيزا أو تعليقا وهو صريح في صحة تعليقه بالشرط والعجب من العيني كيف مشى هنا على أنه لا يصح تعليقه ، وقال في شرح الهداية من باب الاعتكاف والواجب أن يقول لله علي أن أعتكف يوما أو شهرا أو يعلقه بشرط فيقول : إن شفى الله مريضي . ا هـ .
فقد أتى بعين ما مثل به هنا وتناقض وكيف يصح أن يقال بعدم صحة تعليقه مع الإجماع على صحة تعليق المنذور من العبادات أي عبادة كانت حتى أن الوقف كما سيأتي لا يصح تعليقه بالشرط ، ولو علق النذر به بشرط صح التعليق قال في الواقعات الحسامية من الفصل السابع في النذر بالصدقة وجب عليه أن يقف ; لأن هذا نذر والوفاء بالنذر واجب ، وقال قبله لو رجل ذهب له شيء فقال إن وجدته فلله علي أن أقف أرضي على أبناء السبيل فوجده لا يجزئه عن الزكاة ; لأن الأول يمين واليمين لازم لا يملك الرجوع عنها ، فإذا دخل الدار لزمه التصدق بها بجهة اليمين . ا هـ . قال إن دخلت هذه الدار فلله علي أن أتصدق بهذه المائة فدخل الدار وهو ينوي بدخوله أن يتصدق عن زكاة ماله فدخل ، ثم تصدق بها
فقد أفاد أن المنذور المعلق من باب اليمين وحينئذ صح التعليق وبهذا ظهر بطلان قول الشارحين أنه ليس مما يحلف به وصرح في النذر بالصوم بصحة تعليقه بالشرط وفي فتاوى قاضي خان الاعتكاف سنة مشروعة يجب بالنذر والتعليق بالشرط والشروع فيه اعتبارا بسائر العبادات . ا هـ .
ثم قال : ولو يجوز في قول نذر أن يعتكف رجب فعجل شهرا قبله خلافا أبي يوسف وأجمعوا على أن النذر [ ص: 201 ] لو كان معلقا بأن لمحمد لم يجز . ا هـ . قال إن قدم غائبي أو شفى الله مريضي فلانا فلله علي أن أعتكف شهرا فعجل شهرا قبل ذلك
وهذه العبارة بوضعها دالة على صحة تعليقه بالإجماع ; لأن مفهومها أن النذر صحيح وأنه يجب الوفاء به إذا وجد شرطه ، وأما تعجيله قبل وجود شرطه فغير جائز وهذا هو الموضع الثالث مما أخطئوا فيه في بيان ما لا يصح تعليقه والخطأ هنا أقبح من الأولين وأفحش لكثرة الصرائح بصحة تعليقه وأنا متعجب لكونهم تداولوا هذه العبارات متونا وشروحا وفتاوى ولم يتنبهوا لما اشتملت عليه من الخطأ بتغير الأحكام ، والله الموفق للصواب . وقد يقع كثيرا أن مؤلفا يذكر شيئا خطأ في كتابه فيأتي من بعده من المشايخ فينقلون تلك العبارة من غير تغيير ولا تنبيه فيكثر الناقلون لها وأصلها لواحد مخطئ كما وقع في هذا الموضع ولا عيب بهذا على المذهب ; لأن ضابط المذهب لم يذكر جملة ما لا يصح تعليقه بالشرط وما يصح على هذا الوجه ، وقد نبهنا على مثل ذلك في الفوائد الفقهية في قول مولانا محمد بن الحسن قاضي خان وغيره أن الأمانات تنقلب مضمونة بالموت عن تجهيل إلا من ثلاث .
ثم إني تتبعت كلامهم فوجدت سبعة أخرى زائدة على الثلاثة ، ثم إني نبهت على أن أصل هذه العبارة للناطقي أخطأ فيها ، ثم تداولوها ويرحم الله المحقق صاحب الهداية لم يلتفت إلى جمع هذه الأشياء ووضعها في كتابه وهو دليل على كمال ضبطه وإتقانه ، ولو حذفها المصنف رحمه الله تعالى لكان أسلم .
[ ص: 201 ]