الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله : ( وحل الشرب في إناء مفضض والركوب على سرج مفضض والجلوس على كرسي مفضض ويتقي موضع الفضة ) يعني يتقي موضعها بالفم وقيل بالفم واليد في الأخذ والشرب ، وفي السرج والكرسي موضع الجلوس وكذا الإناء المضبب بالذهب والفضة وكذا الكرسي المضبب بهما وكذلك إذا جعل ذلك في نصل السيف والسكين ، أو في قبضتهما ولم يضع يده في موضع الذهب والفضة وكذا إذا جعل ذلك في المسجد ، أو حلقة للمرأة ، أو جعل المصحف مذهبا ، أو مفضضا وكذا اللجام والركاب المفضض وهذا كله عند الإمام وقال أبو يوسف يكره ذلك كله وقول محمد روي مع الإمام وروي مع الثاني وهذا الخلاف فيما إذا كان يخلص ، وأما المموه الذي لا يخلص فلا بأس به بالإجماع لأنه مستهلك فلا عبرة به قال الشارح للثاني ما روي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { من شرب من إناء ذهب ، أو فضة ، أو إناء فيه شيء من ذلك فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم } رواه الدارقطني ورد عليه بعضهم حيث قالوا لو ثبتت هذه الزيادة كان حجة قاطعة على الإمام لكن لم نجده في رواية البخاري وغيره إلا خاليا عن هذه الزيادة ا هـ .

                                                                                        أقول : عدم وجدان تلك [ ص: 212 ] الزيادة فيما ذكر لا يدل على عدم وجودها في رواية أخرى لم ير محلها مع أن هذا القائل من فرسان ميدان علم الحديث فليتأمل وللإمام ما روي من الأخبار مطلقا من غير قيد بشيء ولما روي عن أنس { أن قدح رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فيه ضبة فضة } ولأن الاستعمال هو القصد للجزء الذي يلاقي العضو وما سواه تبع له في الاستعمال فلا يكره فصار كالجبة المكفوفة بالحرير والعلم في الثوب ومسمار الذهب في فص الخاتم وكالعمامة المعلمة بالذهب وروي أن هذه المسألة وقعت في مجلس أبي جعفر الدوانقي والإمام حاضر وأئمة عصره حاضرون فقالت الأئمة : يكره والإمام ساكت فقيل له ما تقول قال إن وضع فمه في موضع الفضة يكره ، وإلا فلا قيل له : من أين لك ؟ قال : أرأيت لو كان في أصبعه خاتم فضة فشرب من كفه يكره ذلك فوقف الكل وتعجب ابن جعفر من جوابه ، وفي نوادر هشام في قارورة ذهب ، أو فضة يصب منها الدهن على رأسه والأشنان أكرهه ولا أكره الغالية وفرق بينهما بأن في الغالية يدخل الإنسان يده فإذا أخرجه إلى الكف لم يكن استعمالا فأما الدهن فإنه يستعمل ولا يشد الأسنان بالذهب ولو جدع أنفه لا يتخذ أنفا من ذهب ويتخذه من الفضة عند الإمام وعند الثالث يتخذ من الذهب لما روي { عن عرفجة أنه أصيب أنفه فاتخذ أنفا من الفضة فأنتن فأمر النبي عليه الصلاة والسلام بأن يتخذ أنفا من الذهب } ولأن الفضة والذهب مستويان في الحرمة إذا سقطت ثنيته فإنه يكره أن يعيدها ويشدها بذهب ، أو فضة ولكن يأخذ سن شاة مذكاة فيجعلها مكانها عند الإمام وقال أبو يوسف : يشدها بالذهب والفضة في مكانها كذا في المحيط مع بيان الدليل ا هـ .

                                                                                        وفي العتابية وسلاسل الخيل من الفضة فيها الخلاف المتقدم ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية