الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( وإن قال لها قطعت يدك وأنت أمتي وقالت بعد العتق فالقول لها وكذا كل ما أخذ منها إلا الجماع والغلة ) وهذا عندهما وقال محمد لا يضمن إلا شيئا قائما بعينه يؤمر برده عليها لأنه منكر وجوب الضمان لإسناد الفعل إلى حالة معهودة منافية له كما في المسألة الأولى وكما في الوطء والغلة وفي القائم أقر للضمان حيث اعترف بالأخذ منها ثم ادعى التملك عليها وهي تنكر والقول قول المنكر ولهذا يؤمر بالرد عليهما ولهما أنه أقر بسبب ظاهر ثم ادعى ما يبرئه فلا يكون القول قوله كما إذا قال لغيره أذهبت عينك اليمنى وعيني اليمنى صحيحة ثم فقئت فقال المقر لا بل أذهبتها وعينك اليمنى مفقوءة كان القول قول المقر له وهذا إذا لم يسنده إلى حالة منافية للضمان لأنه لا يضمن يدها إذا قطعها وهي مديونة .

                                                                                        بخلاف الوطء والغلة لأن وطء المولى أمته المديونة لا يوجب العقر وإذا أخذه من غلتها أو إن كانت مديونة لا يوجب الضمان عليه فحصل الإسناد إلى حالة معهودة منافية للضمان في حقها أي في حق الغلة والوطء وعلى هذا الخلاف لو قال رجل لرجل حربي أسلم أخذت مالك وأنت حربي فقال بل أخذته بعد ما أسلمت وفي العناية ومثلها مسألة الحربي وصورتها مسلم دخل دار الحرب بأمان فأخذ مال حربي ثم أسلم الحربي ثم خرجا إلينا فقال المسلم أخذت منك وأنت حربي وقال الحربي الذي أسلم أخذت مني وأنا مسلم فالقول للحربي على الخلاف المتقدم أهو على هذا الاختلاف إذا قال أخذت منك ألف درهم من كسبك وأنت عبدي وقال العبد لا بل أخذته بعد العتق وعلى هذا الخلاف ما إذا أسلم الحربي أو صار ذميا فقال له رجل مسلم قطعت يدك وأنت حربي وأخذت كذا وكذا وأنت حربي في دار الحرب وقال الحربي لا بل فعلت بعد ما أسلمت أو قال بعدما صرت إلى دار الإسلام فعلى قول أبي حنيفة وأبي يوسف القول قول الحربي والمسلم ضامن وعلى قول محمد وزفر القول قول المسلم ولا ضمان عليه وإذا أسلم الحربي فقال لرجل مسلم قطعت يدك وأنا حربي في دار الحرب وقال المسلم فعلت ما فعلت وأنت في دار الإسلام وذكر في كتاب الإقرار من الأصل أنه على هذا الخلاف .

                                                                                        وأجمعوا على أنه إذا قال لجاريته بعد ما عتقها وطئتك قبل العتق وقالت الجارية لا بعد العتق أن القول قول [ ص: 428 ] المولى ولا ضمان عليه وأجمعوا على أن من أعتق عبدا له فقال العبد لرجل آخر قطعت يدك وأنا عبد وقال ذلك الرجل لا بل بعد ما أعتقت أن القول قول المقر ولا ضمان عليه .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية