الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المسألة الثانية: التعدد:

        اختلف العلماء -رحمهم الله تعالى- في هذه المسألة على قولين: [ ص: 313 ]

        القول الأول: أنه يثبت بقول طبيب عارف، والاثنان أولى.

        وبه قال المالكية.

        وحجته:

        (281) 1- ما رواه البخاري من طريق الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها: "استأجر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر رجلا من بني الديل، ثم من بني عبد بن عدي هاديا خريتا، الخريت: الماهر بالهداية".

        2- أن عمر -رضي الله عنه- أوصى حين جرح فسقاه الطبيب لبنا فخرج من جرحه، فقال له الطبيب: اعهد إلى الناس، فعهد إليهم ووصى، فاتفق الصحابة على قبول عهده ووصيته.

        وكذلك أبو بكر -رضي الله عنه- عهد إلى عمر حين اشتد مرضه، فنفذ عهده.

        (282) فقد روى البخاري من طريق عمرو بن ميمون قال: "رأيت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: "قتلني -أو أكلني- الكلب حين طعنه، وأتي بنبيذ فشربه فخرج من جوفه، ثم أتي بلبن فشربه فخرج من جرحه، فعلموا أنه ميت، وقال: يا عبد الله بن عمر انظر ما علي من الدين، فقالوا: أوص يا أمير المؤمنين، استخلف. قال: ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو عنهم راض".

        3- أن هذا من قبيل الخبر فيكتفى فيه بالواحد.

        القول الثاني: أنه لا بد من قول طبيبين. [ ص: 314 ]

        وبه قال الشافعية والحنابلة.

        وقياس قول الخرقي: إذا لم يقدر على طبيبين يكتفى بطبيب واحد.

        وحجته: إلحاقه بالشهادة، ولتعلق حق الورثة بالمال.

        والراجح -والله أعلم- القول الأول; لقوة دليله.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية