قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم .
[40] فقال سليمان: أسرع من هذا قال الذي عنده علم من الكتاب أي: من كتابها إليه، وهو آصف بن برخيا، وكان صديقا يعلم اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى، وهو يا حي يا قيوم، وقيل غيره ، وكان بينه وبين عرشها مقدار شهرين:
أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك أي: تحريك أجفانك إذا نظرت.
قرأ ، حمزة بخلاف عن وخلف خلاد : (آتيك) بإمالة فتحة الهمزة في الحرفين . روي أن آصف قال لسليمان: أرسل طرفك، فنظر نحو اليمين، فدعا آصف، فسار الكرسي تحت الأرض، ونبع لدى سليمان قبل أن يرجع إليه طرفه . [ ص: 140 ]
فلما رآه مستقرا عنده ثابتا لديه، وحمل إليه من مأرب إلى الشام في قدر ارتداد الطرف قال هذا أي: حصول مرادي من فضل ربي علي .
ليبلوني ليختبرني أأشكر النعمة أم أكفر بكون غيري أعلم مني.
ومن شكر فإنما يشكر لنفسه لأن نفع شكره عائد عليه; لأن الشكر قيد النعمة الموجودة، وصيد النعمة المفقودة.
ومن كفر بترك الشكر على النعمة فإن ربي غني عن شكرهم كريم ذو فضل على الشاكر والكافر. وتقدم التنبيه على اختلاف القراء في (رآه عنده) فلما رآها تهتز [النمل: 10] ، وقرأ ، نافع : (ليبلوني) بفتح الياء الأخيرة، والباقون: بإسكانها ، واختلافهم في الهمزتين من (أأشكر) كاختلافهم فيهما من (أأنت فعلت) في سورة الأنبياء [الأنبياء: 62]. وأبو جعفر
* * *