[ ص: 344 ] يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا .
[9] يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم وذلك حين حوصر المسلمون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق.
إذ جاءتكم جنود هم الأحزاب، وكان ذلك في شوال من السنة الخامسة من الهجرة، وسببها أن نفرا من اليهود حزبوا الأحزاب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقدموا على قريش بمكة يدعونهم إلى حربه; لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجلى بني النضير من ديارهم، فلما علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك ، أمر بحفر الخندق حول المدينة برأي يحول بين المؤمنين والكفار، وعمل فيه بنفسه، وفرغ من سلمان الفارسي الخندق، وأقبلت قريش ومن تبعهم من بني قريظة، مقدمهم وكانوا عشرة آلاف نزلوا قريبا من الغابة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثة آلاف، واشتد البلاء حتى ظن المؤمنون كل الظن، وأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمشركون بضعا وعشرين ليلة، لم يكن بين القوم حرب إلا الرمي بالحصا والنبال. أبو سفيان،
فأرسلنا عليهم ريحا ليلا، وهي الصبا، فأطفأت النيران، وأكفأت القدور، قال - صلى الله عليه وسلم -: . [ ص: 345 ] نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور
وجنودا لم تروها هم ألف ملك، فكبرت في جوانب العسكر، وقلعت الأوتاد وأطناب الفساطيط، ولم تقاتل يومئذ، وماجت الخيل بعض في بعض، وقذف الرعب في قلوبهم، فقال النجاء النجاء من سحر طليحة بن خويلد الأسدي: محمد، فارتحلوا ليلا منهزمين بغير قتال، وانقلبوا خاسرين، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ، فكان ذلك حتى فتح الآن نغزوهم ولا يغزونا مكة.
وكان الله بما تعملون بصيرا قرأ : (يعملون) بالغيب; أي: بما يعمل المشركون من التحزب والمحاربة، وقرأ الباقون: بالخطاب ; أي: بما تعملون من حفر أبو عمرو الخندق.
* * *