لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور .
[15] فلما فرغ التمثيل لمحمد - صلى الله عليه وسلم - بسليمان -عليه السلام-، رجع التمثيل للكفار بسبإ، وما كان من إهلاكهم بالكفر والعتو، فقال تعالى: لقد كان لسبإ اسم أرض باليمن، أو رجل. قرأ ، أبو عمرو : بفتح الهمزة من غير تنوين، وروى والبزي : بإسكان الهمزة، وقرأ الباقون: بالخفض والتنوين ، فمن قرأ منونا مصروفا، جعله اسم رجل، ومن قرأ غير مصروف، جعله اسم البلد قنبل في مسكنهم قرأ ، حمزة وحفص : [ ص: 414 ]
(مسكنهم) بإسكان السين وفتح الكاف بغير ألف على التوحيد، وهو اسم جنس يراد به الجمع، ، والكسائي : كذلك، غير أنهما يكسران الكاف; أي: في موضع سكناهم، والباقون: بفتح السين وألف بعدها وكسر الكاف على الجمع ; لأن كل واحد له مسكن، وكانت مساكنهم بمأرب من اليمن. وخلف
آية اسم كان; أي: علامة دالة على قدرة الله تعالى جنتان بدل من آية; أي: بستانان عن يمين من بلدهم وشمال منه، والمراد: جماعتان من البساتين بها أشجار كثيرة، وثمار طيبة، فقيل لهم:
كلوا من رزق ربكم الذي رزقكم واشكروا له على ما رزقكم من النعمة; أي: اعملوا بطاعته.
بلدة استئناف للدلالة على موجب الشكر; أي: هذه البلدة التي فيها رزقكم بلدة طيبة وطيبتها أنها لم يكن بها بعوض ولا ذباب ولا برغوث ولا عقرب ولا حية، وكان يمر بها الغريب فيموت قمله; لطيب الهواء.
ورب أي: وربكم الذي رزقكم وطلب شكركم رب غفور للذنوب مع الإيمان به، وهذا من قول الأنبياء لهم. وقرأ رويس عن : (بلدة طيبة وربا غفورا) بالنصب في الكل على المدح . يعقوب