الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في العدة، هل ثلاث حيض أم حيضة؟]

                                                                                                                                                                                        واختلف في العدة، فقال مالك، وابن القاسم: إذا أسلمت الزوجة وحدها تستبرئ بثلاث حيض.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في "العتبية" في النصرانية يطلقها النصراني، فتحيض [ ص: 2106 ] حيضة، ثم تتزوج مسلما فلا أفسخ نكاحه، قال: لأن مالكا كان يقول: تجزئها حيضة.

                                                                                                                                                                                        ولابن القاسم في المجوسي يسلم وتأبى زوجته الإسلام: تستبرئ من ماء المسلم بحيضة. يريد: لأن الزائد على حيضة في الحرة المسلمة تعبد، وهذه كافرة غير متعبدة.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن عباس في البخاري: "كانت المرأة إذا هاجرت لم تخطب حتى تحيض وتطهر، فإذا طهرت حل لها النكاح"، وإن هاجرت امرأة بعد أن أسلمت أو أسلمت بعد أن هاجرت، ثم قدم رجل فزعم أنه زوجها، وأقرت له بذلك لصدقا، ولم يمنعا الاجتماع على وجه الزوجية".

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم: إن ثبت أنها امرأته لم يفرق بينهما. ولم يراع إقرارها ولا إنكارها، وهؤلاء طارئان، والمعروف من قوله أن الطارئين على التصديق، ولا يكلفان بينة، فلو طرأت امرأة ثم طرأ رجل فزعم أنه زوجها، وأقرت له بذلك لصدقا، ولم يمنعا الاجتماع على وجه الزوجية، وقد يحمل قوله على من هاجر من مكة؛ لأن أهل مكة بالمدينة كثير، فلا يخفى معرفة [ ص: 2107 ] ذلك، بخلاف غيرهم.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في "العتبية": إذا اختلفا فقالت: حضت بعد إسلامي ثلاث حيض، وقال الزوج: إنما أسلمت منذ عشرين ليلة، فالزوج مصدق بمنزلة الذي يطلق زوجته، ويريد رجعتها ويقول: طلقتك أمس، وتقول: منذ شهرين، وقد حضت ثلاث حيض، فالقول قوله.

                                                                                                                                                                                        يريد: لأن الأصل أنها كانت على الكفر، فهي على ما كانت عليه، فلا تصدق في قدم ذلك والأخرى على العصمة، فلا تصدق في قدم الطلاق، ولو اعترف أنها أسلمت منذ شهرين، وذلك مما تنقضي فيه العدة، وقالت: أسلمت قبلك أو بعدك في العدة، وكذبته، لم يقبل قوله.

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في "كتاب محمد": إن أسلمت، فخافت أن يسلم فيمسكها؛ فافتدت منه بمال، ثم أسلم في العدة، فهما على نكاحهما، ويرد إليها ما أخذ منها، ولا طلاق بينهما إلا أن يطلقها بعد إسلامه.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية