الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في عطف طلاق الزوجات بما فيه إبهام أو إضراب]

                                                                                                                                                                                        وإن قال: أنت طالق، أو أنت، كان بالخيار بين أن يطلق أيهما أحب، ولو قال: أو أنت بنية إحداهما بعد تمام قوله: أنت طالق، طلقت الأولى; لأنه لا يصح رفع الطلاق عنها بعد وقوعه، ولا تطلق الثانية؛ لأنه جعل طلاقها على خيار، وهو لا يختار طلاقها لما طلقت الأولى، وإن قال: أنت طالق. ثم قال لأخرى: بل أنت، طلقتا جميعا؛ لأنه أوجب الطلاق في الثانية، وإضرابه عن الأولى لا يرفع عنها طلاقا، وإن قال: أنت طالق لا أنت، طلقت الأولى خاصة؛ لأنه نفى الطلاق عن الثانية، إلا أن يريد بقوله "لا" النفي عن الأولى، ثم التفت إلى الثانية فقال: أنت، أي أنت التي تكون طالقا، فتطلقان جميعا، وإن كن ثلاثا فقال لاثنتين منهما: أنت طالق أو أنت، ثم التفت إلى الثالثة فقال: أو أنت، فإن طلق الأولى كان بالخيار بين الوسطى والآخرة، وإن طلق الثالثة كان بالخيار بين الأولى والوسطى، وإن طلق الوسطى لم يقع على الأولى والثالثة طلاق، وإن اختار إمساك الوسطى طلقت الأولى، وإن أمسك الأولى طلقت الوسطى خاصة، وإن أمسك الآخرة طلقت الوسطى; لأنه بإمساك الأولى والآخرة مختارا لطلاق الوسطى، واختياره لطلاق الوسطى اختيار لإمساك [ ص: 2632 ] الأولى والآخرة، وإن قال لثلاث أيضا: أنت طالق، أو أنت، بل أنت، فإن أراد بقوله: بل أنت الإضراب عن الثانية، أي: أنت فيك الخيار بينك وبين الأولى، سقط الخيار فيها، وكانت زوجة وطلقت الأولى، وكان بالخيار في الثالثة، وإن أراد بقوله: بل أنت أن يكون الخيار بينها وبين الثانية، وتبقى الأولى زوجة، كانت زوجة كما قال، وطلقت الثانية، وكان بالخيار في الثالثة، وإن قال: أنت طالق بل أنت أو أنت، طلقت الأولى، وكان بالخيار بين الوسطى والثالثة، وإن قال: أنت طالق لا أنت بل أنت، طلقت الأولى والآخرة، إلا أن يريد بقوله: "لا" رفع الطلاق عن الأولى، واثبات الطلاق عن الثانية طلق جميعهن، وفي كتاب ابن سحنون فيمن له أربع نسوة فقال لواحدة: أنت طالق، ثم قال للثانية: لا أنت، ثم للثالثة: أو أنت، ثم للرابعة: بل أنت، وذلك نسق، قال: تطلق الأولى، ولا شيء عليه في الثانية، ويحلف في الثالثة، وتطلق الرابعة، قال: وقال بعض أصحابنا: يخير بين الأولى والثالثة، ولا شيء له في الثانية، وتطلق الرابعة، قال: ولو قال لثلاث نسوة: أنت طالق، بل أنت، أو أنت، ففي قول سحنون تطلق الأولى والثانية، ويخير في الثالثة، وفي القول الآخر [ ص: 2633 ] يخير في الأولى والثالثة وتطلق الثانية، ولو قال: أنت طالق، وللثانية: لا أنت، وللثالثة: بل أنت، وللرابعة: أو أنت، لخير في الأولى والرابعة، ولم تطلق الثانية، وطلقت الثالثة. [ ص: 2634 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية