الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في الرجل يقول : كل مملوك أملكه فهو حر]

                                                                                                                                                                                        وإذا قال : أشتري أو أملك في المستقبل ، فإنه لا يخلو أن يعم في يمينه أو يخص ، فإن عم الأصناف والبلدان اللازمة كانت يمينه ساقطة ، وإن خص فقال : كل عبد أشتريه من صنف كذا أو من بلد كذا أو ضرب أجلا يبلغه عمره ، لزمه ، وهذا قول مالك في الأجل ، وقد مضى ذكر الأجل إذا كان يبلغه عمره في كتاب الأيمان بالطلاق .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا عم الذكران أو الإناث ، فقال : كل عبد أو كل جارية . [ ص: 3721 ]

                                                                                                                                                                                        فقال مالك في المدونة : لا شيء عليه . وقال ابن الماجشون في المبسوط : اجعل الملك كله صنفا واحدا ، فإن قال : كل مملوك أملكه فهو حر حل له ملك العبد والإماء ، وإن قال : كل أمة ثم قال : كل عبد ، لزمه اليمين في الأول ولا شيء عليه في الثاني ، وقول مالك أبين; لأن خدمة العبيد والإماء صنفان لا يسد أحدهما مسد الآخر ، فالذكران يرادون للتجارة والأسفار والحرث ولما يكون خارج البيت ولا يحسن مقامهم في البيت ، والإماء يحسن للطبخ والغسل وما يكون في البيت ، ولا يقمن بما يقوم به الذكران خارجا .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا عم التسري فقال : كل جارية أتسراها ، فقال في كتاب محمد : اليمين لازمة له ; لأنه أبقى النكاح . وقال سحنون في كتاب ابنه : لا شيء عليه . والأول أبين; لأنه أبقى التزويج وهو عمدة الناس اليوم في هذا الوجه ، والتسري في جنب النكاح يسير ، وإذا كان ممنوعا من التسري على ما قاله محمد ، فإنه لا يمنع ملكهن للخدمة ، فإن قال : كل جارية أملكها فقد امتنع من الفضلين ، الخدمة والاستمتاع ، فألزمه عبد الملك اليمين; لأنه أبقى [ ص: 3722 ] خدمة الذكران والاستمتاع بالنكاح ، ولم يلزمه ملك اليمين; لأنه عم خدمتهن .

                                                                                                                                                                                        وقال في المبسوط : لا يلزمه اليمين; لأن ذلك تحريم لفروج الإماء كما كان حين حرم النكاح بالطلاق ، وإن كان له ما يطأ بملك اليمين ، وهذا الذي قاله صحيح; لأن اليمين على ألا يملك أمة يدخل فيه اليمين على التسري; لأن بالامتناع للملك يمتنع التسري واليمين على التسري لا يدخل فيه اليمين على الملك للخدمة ، وإن خص بلدا أو قبيلة ، لزمه اليمين . [ ص: 3723 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية