الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في استبراء الأمة بين شريكين]

                                                                                                                                                                                        وإن كانت أمة بين شريكين فاشترى أحدهما نصيب شريكه، فإن كان المشتري هو الحائز لها قبل الشراء ولم تكن تتصرف عنه، لم يكن له على شريكه مواضعة ولا عليه هو استبراء فيها. وإن كانت تتصرف كانت له المواضعة.

                                                                                                                                                                                        ويختلف في وجوب الاستبراء، وإن كانت قبل الشراء عند البائع لنصيبه، كان للمشتري فيها المواضعة وعليه الاستبراء، وكل هذا إذا كانت من العلي، ويختلف إذا كانت من الوخش، هل يكون عليه فيها استبراء؟

                                                                                                                                                                                        واختلف فيمن أبضع في شراء جارية وبعث إليه بها، فقال مالك في المدونة: لا يصيبها حتى يستبرئها. وقال أشهب في كتاب محمد: لا استبراء عليه، وسواء حاضت عند الذي كان اشتراها أو في الطريق، ولا يكون الاستبراء من سوء الظن، إذ يدخل في الحرائر والمماليك. يريد: أنه يلزم مثل ذلك في زوجته أو سريته إذا كانت تتصرف.

                                                                                                                                                                                        والمسألة على ثلاثة أوجه: فإن كان متولي الشراء أو المبعوثة معه غير [ ص: 4514 ] مأمون، كان الاستبراء فيها واجبا، وإن كانا مأمونين ولم يغب الأول عليها، أو غاب عليها وله أهل وأتى بها الآخر في رفقة وجماعة ولم يغب عليها، لم يكن فيها استبراء، وإن كان الأول لا أهل له وغاب عليها أو أتى بها الآخر وحده، استحب له الاستبراء وإن كانا مأمونين; لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يخلون رجل بامرأة ليس بينه وبينها محرم". ولقوله: "لا تسافر المرأة مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم منها"، ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: "الشيطان يهم بالواحد والاثنين، وهو من الثلاثة أبعد". ولم يفرق فيها بين مأمون وغيره، فيستحب له الاستبراء لمخالفة الأحاديث ولما تخوفه النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، إلا أن يعلم أنها حاضت بعد خروجها من يد الأول، فيسقط اعتبار حال الأول ويعتبر حال الثاني.

                                                                                                                                                                                        والحكم فيمن اشترى جارية من عبده أو انتزعها منه على مثل ذلك، فإن كانت في حوز العبد لم تحل للسيد إلا من بعد الاستبراء، وإن كانت في حوز السيد نظرت، هل كانت مصونة عن العبد وعن التصرف أم لا؟

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية