الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في الوقت الذي يضمن فيه الصانع إذا ادعى الضياع، أو تعدى على ما استصنع فيه قبل العمل أو بعده أو فلس أو وهب أو باع

                                                                                                                                                                                        وإذا ادعى الصانع تلف الثوب قبل أن يصنعه، واختلفت قيمته يوم قبضه عن قيمته يوم قيم عليه، فإن قال: هلك يوم قبضته- غرم قيمته يومئذ، وإن قال: هلك الآن، وكانت قيمته اليوم أقل ضمن قيمته يوم قبضه; لأن الدافع يكذبه، ويختلف إذا صدقه أو قامت البينة أنه رئي عنده بالأمس وقال: ضاع اليوم، فقول ابن القاسم: الجواب كالأول، والقيمة يوم القبض. وقيل في الرهن: القيمة فيه لآخر يوم رئي عنده. فعلى هذا يكون في الصانع القيمة لآخر يوم رئي عنده.

                                                                                                                                                                                        واختلف في الخياط يقطع الثوب، ثم يغيب عليه بعد قطعه، فقال في كتاب محمد: عليه قيمته صحيحا قبل قطعه، ولو كانت شقة فقطع منها ثوبين، ثم ادعى ضياع أحدهما كان عليه قيمة نصف الشقة صحيحة لا قيمة نصف صحيح. وقال ابن القاسم في مختصر ما ليس في المختصر: يغرم قيمته [ ص: 4879 ] مقطوعا، وهذا أحسن; لأنه إنما غاب عليه مقطوعا، فإن كان تعدى فإنما تعدى على مقطوع.

                                                                                                                                                                                        ويختلف على هذا إذا أفسده الخياط بالخياطة أو بالقطع، فعلى قوله في الموازية: يغرم قيمته صحيحا في الوجهين جميعا، وقال ابن شعبان: إذا كان الفساد في القطع غرم قيمته صحيحا، وإن كان في الخياطة غرم قيمته مقطوعا. وهذا فقه حسن، وهو بناء على قول ابن القاسم إذا غاب عليه أنه يغرم قيمته مقطوعا، وإن كان قيمته على حال ما غاب عليه، وإن كان الفساد في القطع كان الخطأ عليه وهو صحيح.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية