الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيمن أكرى دارا ثم مات أو مات المكتري أو تبين أنه ممن يشرب الخمر أو يأوي إلى الدار بفساد

                                                                                                                                                                                        ومن أكرى داره ثم مات أو مات المكتري، لم ينفسخ الكراء بموت واحد منهما، وإنما يفترق الجواب في تعجيل الكراء، فإن مات المكري لم يعجل، وإن مات المكتري تعجل وإن لم تنقض السكنى; لأنه دين ثابت، ولا يصح أن يرثه ورثته قبل قضاء ما عليه من الدين؛ لقول الله سبحانه في الميراث: من بعد وصية يوصى بها أو دين [النساء: 11].

                                                                                                                                                                                        وقد نزلت هذه المسألة في رجل اكترى حماما سنة ثم مات قبل انقضائها فتنوزع فيها هل يعجل أو لا يعجل الدين؛ لأن العوض وهو السكنى لم يقبض؟ والظاهر من قول مالك وابن القاسم أن يعجل; لأنه قال فيمن أكرى أرضه من رجل فزرعها ثم مات أو أفلس: إن المكري يحاص الغرماء. فجعل له قبض الثمن قبل استيفاء المنافع.

                                                                                                                                                                                        وقال فيمن أكرى إبله إلى مكة لتحمل بزا ففلس المكتري ببعض الطريق: إنه أحق بالبز يباع له وتكرى الإبل للغرماء. ولا يصح أن يكري منافعه التي بالنقد، ويتعجل الغرماء ما يباع به، ولا يقبض هو ثمن المنافع، ولا أن [ ص: 5065 ] توقف عليه. فإن قيل: إن الميت في تلك المسألة لم يفلس وأن الورثة يضمنون ذلك أو يأتوا بضمين إن لم يكونوا مأمونين، فقيل: ذلك أداء.

                                                                                                                                                                                        وقد ذهب إلى هذا أبو الحسن بن القصار، فقال: إذا مات الغريم قبل الأجل إنما يسقط الأجل بموته; لأن الدين كان معلقا بذمته فلما سقط الأصل المعلق بها انتقل الدين إلى تركته، فإن ضمنه الورثة تعلق بذمتهم، وإن لم يضمنوه قضي من تركته; لأن التركة لا يؤمن عليها البقاء. قال ذلك في تضاعيف كلام وقع له في مسائل اللعان.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية