الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيما يحدث بالمكترى من قطر أو هدم

                                                                                                                                                                                        قال: ومن اكترى بيتا فقطر، فإن أصلحه المكري لزم المكتري، وإن لم يصلحه لم يجبر عند ابن القاسم وكان للمكتري أن يخرج. وقال غيره: يجبر على الإصلاح.

                                                                                                                                                                                        وأرى أن يجبر في ثلاثة مواضع: إذا كان الإصلاح يسيرا، وإذا كان كثيرا ويعلم أن صاحبه لا يدعي إصلاحه في تلك المدة، وإذا كان يعلم أنه لا يستغنى عن الإصلاح في تلك المدة التي أكرى فيها. وإن كان على غير ذلك لم يجبر.

                                                                                                                                                                                        وإن انهدم شرافات الدار، لم يفسخ الكراء ولم يحط من الكراء لأجلها إلا أن يكون قد زيد في الكراء لأجلها، فإن زال الجص من داخلها وأذهب جمالها، حط من الكراء ولم يكن له أن يخرج، إلا أن يصلحه فلا يحط له شيء.

                                                                                                                                                                                        وإن انهدم حائط من داخلها لا منفعة فيه ولا جمال، لم يحط له شيء، وإن كان على غير ذلك حط، وإن كان الحائط مما يلي خارجها وانكشفت لأجله، فإن كانت النفقة فيه يسيرة جبر على إصلاحه، وإلا لم يجبر وكان للمكتري أن يخرج، إلا أن يتطوع المكري بإصلاحه ولا تلحق المكتري مضرة، إلا أن يصلح فلا يكون له أن يخرج.

                                                                                                                                                                                        وقال أصبغ في "كتاب محمد": إن خرج ثم أصلح، فإن تطاول ذلك في البنيان، لم يكن عليه أن يرجع. وأما الأيام وفوق ذلك قليلا لا كثير ضرر عليه [ ص: 5069 ] فإن الباقي لازم له.

                                                                                                                                                                                        يريد: إذا لم يجر بينهما قول بعد الخروج. وأما إن كان خروجه على وجه الفسخ وتراضيا بذلك، لم يكن هناك رجوع، وإن كان ليرجع إذا أصلح، جبر على الرجوع.

                                                                                                                                                                                        وإن انهدم بيت من داخلها ولم ينكشف من خارجها وكان البيت أقل المكترى، حط ما ينوبه، وإن كان الجل كان له أن يخرج. وقال ابن حبيب: إن قال المكتري أنا أصلح ما انهدم من مالي، لم يكن لصاحب الدار أن يمنعه ; لأنه في منعه مضار لمنعه ما ينفعه ولا مضرة عليه، فإن انقضت الوجيبة أخذه بقيمته منقوضا، إلا أن يكون بإذنه فيأخذه بقيمته قائما.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية