الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في المكاتب يحيل سيده بالكتابة على مكاتبه]

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في المكاتب يحيل سيده بالكتابة على مكاتبه: فإن أبت عتق مكاتبه جاز ويكون له كتابة الأسفل إن أدى، أو رقبته إن عجز، وإن لم يبت عتقه فالحوالة باطلة . [ ص: 5669 ]

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رحمه الله-: الحوالة جائزة والمكاتب حر؛ لأن هذه مبايعة اشترى كتابته من سيده بالمكاتب الآخر يقبضه السيد الأعلى من الآن، وإن قال له: "إنما يقضي ما عليه فإن عجز كانت الرقبة لي وأفيك الباقي علي من الكتابة" لم يكن حرا بنفس الحوالة؛ لأن له تعلقا في الرجوع متى عجز الآخر.

                                                                                                                                                                                        ويختلف حينئذ هل صحيحة أو فاسدة؟ فعلى القول أنه يجوز للسيد أن يفسخ الكتابة في غير جنسها إلى ذلك الأجل أو أقرب أو أبعد، وإن لم يبت العتق يجوز ها هنا ما فعله المكاتب من إعطائه الكتابة الأخرى؛ لأن كل ذلك مال للمكاتب، ومن منع تلك المسألة إلا بشرط العتق منع ها هنا إذا لم يبت العتق.

                                                                                                                                                                                        وإن أحال سيده على دين له على غريم كانت الحوالة على ثلاثة أوجه: فإن أحال بنجم حل، جاز وسقط ذلك النجم إن كان من أوسطها ويكون حرا إن كان أخذها بنفس الحوالة، وإن كانت الحوالة بما لم يحل وذلك بجميع الكتابة، أو بأخذ نجم ولم يحل كانت فاسدة عند ابن القاسم والعبد في كتابته على حاله. قال: لأن مالكا كره للسيد أن يبيع الكتابة من أجنبي بعرض أو بغيره إلى أجل، وإنما وسع هذا فيما بين السيد ومكاتبه، وأجاز ذلك غيره ويكون حرا مكانه، قال: لأن الكتابة ليست بدين ثابت، وهو بمنزلة من كان له على مكاتبه دنانير مؤجلة فعجل عتقه على دراهم مؤجلة أو حالة فكأنه لم يكن له على مكاتبه شيء، وإنما صار عتيقا بالذي أخذ منه . وهذا أحسن؛ لأن الذي على الأجنبي مال لعبده، وهي معاملة فيما بينه وبين عبده، وليست كالتي استشهد بها ابن القاسم؛ لأنها معاملة بين الأجنبي والسيد إذا كانت الحوالة جائزة على [ ص: 5670 ] ما قال غيره كان حرا بنفس الحوالة؛ لأنه أحال على دين ثابت، وإن أحاله بنجم من أوسطها ولم يحل جرت على القولين المتقدمين إذا فسخ الكتابة في غيرها، ولم يعجل العتق.

                                                                                                                                                                                        كمل كتاب الحوالة بحمد الله

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية