الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في تلقين الميت، وغسله، وتجريده، والماء الذي يغسل به، والثوب الذي ينشف به، واغتسال غاسله

                                                                                                                                                                                        يلقن الميت عند الاحتضار: لا إله إلا الله; لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله" أخرجه مسلم، ولقوله: "من كان آخر قوله لا إله إلا الله دخل الجنة" ويعاد ذلك عليه مرة بعد مرة، ويجعل بينهما مهلة.

                                                                                                                                                                                        ويستحب أن يقرأ عنده القرآن، ويكون عنده طيب، ويجتنبه الحائض والجنب، واختلف في ذلك، والمنع أولى; لما روي: "أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه جنب". ويغمض إذا قضى، وغمض النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا سلمة، وقيل: إن أبا بكر غمض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليس بصحيح، والذي في الصحيح أنه كان غائبا عند موته وأتى [ ص: 689 ] وعمر يقول: إنه لم يمت، فتلا: إنك ميت وإنهم ميتون [الزمر: 30].

                                                                                                                                                                                        وقال ابن شعبان: لا يؤخر غسل الميت بعد خروج روحه، يريد: خيفة تغير الرائحة والانفجار، ولا حجة في تأخير غسل النبي -صلى الله عليه وسلم- لأن ذلك مأمون عليه.

                                                                                                                                                                                        ويبتدئ الغاسل بالميامن ومواضع الوضوء; لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في ابنته: "ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها"، "واغسلنها ثلاثا أو خمسا... بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافورا..." وفي حديث آخر: "... أو سبعا..."، وقد تضمن هذا الحديث البداية بالميامن، وأن يوضأ، وأن يكون وترا من الثلاث إلى ما بعد، وجواز غسله بالماء المضاف، ثم يفيض الماء على سائر جسده، ويخص بالإنقاء الفم والأنف والأرفاغ كالإبطين وغيرهما، ولا بأس أن يفضي باليد إلى الفرج إذا كانا زوجين، أو ملك يمين، وإن كانا أجنبيين لف على يده ثوبا كثيفا لا يجد معه حس ما تمر عليه اليد. [ ص: 690 ]

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كان في الموضع أذى لا يزيله إلا مباشرة اليد، فأجاز مالك في المدونة أن يباشر ذلك، ومنعه ابن حبيب، وهو أحسن، ولا يكون الميت في إزالة تلك النجاسة أعلى رتبة من الحي إذا كان لا يستطيع إزالتها لعلة أو لغيرها إلا بمباشرة غيره لذلك الموضع، فإنه لا يجوز أن يوكل من يمس فرجه لإزالة ذلك، ويجوز أن يصلي على حاله، فهو في الميت أخف، ولا يكشف ويباشر ذلك منه.

                                                                                                                                                                                        ولا يقتصر الغاسل على دون الثلاث; لأن الاقتصار على الواحدة لا يأتي على ما يراد من الإنقاء، والاقتصار على اثنتين خلاف ما تضمنه الحديث من أن يكون وترا، وإن أنقى في أربع زاد خامسة، وإن أنقى في ست زاد سابعة.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية