الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل: من بيده مائة دينار وعليه دين مائة وله على أحد دين مائة

                                                                                                                                                                                        ومن المدونة قال مالك فيمن بيده مائة دينار، وعليه دين مائة، وله دين على آخر مائة: أنه يجعل الدين الذي عليه في الدين الذي له، ويزكي المائة التي في يديه. فجعل الدين الذي عليه في عدد الدين الذي له.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم: إن كان دينه على غير ملي، فليحسب قيمته. وقال سحنون: يجعل عدد ما عليه في قيمة ما له من الدين.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رضي الله عنه-: لا يخلو الدينان أن يكونا حالين، أو مؤجلين، أو أحدهما حال والآخر إلى أجل، وفي كل هذه الوجوه لا يختلف الجواب في الدين الذي عليه، أنه يحسب عدده، وإنما يفترق الجواب في الدين الذي له، فإنه يحسب تارة عدده، وتارة قيمته، وتارة لا يحسب قيمته ولا عدده، فإن كان الدين الذي [ ص: 926 ] له حالا على موسر، حسب عدده، وسواء كان الدين الذي عليه حالا أو مؤجلا، وإن كان دينه مؤجلا والذي عليه حالا جعل في قيمة دينه، وإن كانا مؤجلين وتساوى الأجل، وكان أجل دينه يحل أولا; جعل في عدد دينه، وإن كان أجل ما عليه يحل قبل; جعل عدد ما عليه في قيمة ماله.

                                                                                                                                                                                        فإن كان أجل ما عليه إلى ستة أشهر وأجل دينه سنة; قوم دينه على أنه يقبض إلى ستة أشهر; لأنه الذي يبقى من أجل دينه إذا حل ما عليه، وإن كان غريمه موسرا بنصف دينه وهو حال; جعل نصف ما عليه في نصف ما له، وزكاه، وإن كان لا يعلم ما ينوبه في الحصاص، جعل في قيمته دينه، وهذا استحسان، والقياس ألا يجعل في شيء منه; لأنه لا ينبغي أن يباع ما في ذمة غريمه إذا كان لا يعلم قدر ما ينوبه في الحصاص، نصف، ولا ثلث، ولا ربع. وإن كان دينه على فقير ولا يشتري ما عليه لفقره، أو لتعذر ما يرجى من يسره - لم يجعله في عدد ولا قيمة.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية