الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في تعين القتال على من نزل به العدو]

                                                                                                                                                                                        وقد يتعين الجهاد بأن ينزل العدو بقوم وبهم قوة على قتالهم ، فيجب على من نزل بهم القتال ، ولا يجوز لهم الترك ، ويلقوا بأيديهم .

                                                                                                                                                                                        ويجب على من لم ينزل به العدو إذا كان من نزل بهم غير قادرين على قتالهم ، وكان متى نفر إليهم هؤلاء استنفروهم ، إلا أن يكون على بعد ، متى نفروا إليهم لم يدركوهم ، إلا بعد فصولهم عنهم .

                                                                                                                                                                                        ويتعين الجهاد أيضا باستنقاذ الأسرى من أيدي العدو إذا كانوا قادرين على أن يستنقذوهم ؛ لقول الله -عز وجل- : وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها [النساء : 75] .

                                                                                                                                                                                        يريد الله -عز وجل- قتال أهل مكة ، ليستنقذ من فيها من المستضعفين من الرجال والنساء والولدان . وإذا لم تكن لهم قدرة على القتال وكانت لهم أموال ، وجب الفداء منها ، وإن كانت لهم قدرة على القتال ولهم أموال ، كانوا بالخيار بين القتال والفداء ، وذلك واجب عليهم أن يمتثلوا أحد الأمرين .

                                                                                                                                                                                        واعتبار القدرة على القتال أن يكون المسلمون على النصف من العدو .

                                                                                                                                                                                        واختلف هل المراد النصف في العدد أو القوة ؟ قال ابن حبيب : والأكثر من القول أن ذلك في العدد ، فلا تفر المائة من المائتين ، وإن كانوا أشد جلدا ، [ ص: 1342 ] وأكثر سلاحا .

                                                                                                                                                                                        وقال مالك وابن الماجشون : ذلك في القوة .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رحمه الله- : ولا أعلمهم يختلفون أنه متى جهل منزلة بعضهم من بعض في القوة أنهم مخاطبون بالعدد ، وقد ورد القرآن بالعدد أي : أصناف أهل الكفر كانوا العرب والفرس والروم في ذلك سواء ولم يفرق ، وإن اختلفت الشجاعة .

                                                                                                                                                                                        ولا شك أن فيمن كان يقاتلونه من لم يخالطوه ، ولم يعاينوه إلا حين القتال ، فكيف يعرف منزلة من لم يخالطه في الشجاعة ، وهذا من تكليف ما لا يطاق . [ ص: 1343 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية