فإن قلت : إظهار البغض والعداوة بالفعل إن لم يكن واجبا فلا شك أنه مندوب إليه فاعلم أن المخالف لأمر الله سبحانه لا يخلو إما أن يكون مخالفا في عقده أو في عمله والمخالف في العقد إما مبتدع أو كافر والمبتدع إما داع إلى بدعته أو ساكت والساكت إما بعجزه أو باختياره ؛ فأقسام الفساد في الاعتقاد ثلاثة : والعصاة والفساق على مراتب مختلفة فكيف ينال الفضل بمعاملتهم ؟ وهل يسلك بجميعهم مسلكا واحدا أم لا ؟
الأول : الكفر فالكافر إن كان محاربا فهو يستحق القتل والإرقاق وليس بعد هذين إهانة وأما الذمي فإنه لا يجوز إيذاؤه إلا بالإعراض عنه والتحقير له بالإضرار إلى أضيق الطريق وبترك المفاتحة بالسلام فإذا قال السلام عليك ، قلت : وعليك .
والأولى الكف عن مخالطته ومعاملته ومواكلته وأما الانبساط معه والاسترسال إليه كما يسترسل إلى الأصدقاء فهو مكروه كراهة شديدة ، يكاد ينتهي ما يقوى منها إلى حد التحريم ؛ قال تعالى لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم الآية وقال صلى الله عليه وسلم المسلم : . " والمشرك لا تتراءى ناراهما
وقال عز وجل : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء الآية .