ذكر حجج المائلين إلى . تفضيل العزلة
احتجوا بقوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي الآية ثم قال تعالى : فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا إشارة إلى أن ذلك ببركة العزلة .
وهذا ضعيف؛ لأن مخالطة الكفار لا فائدة فيها إلا دعوتهم إلى الدين .
وعند اليأس من إجابتهم فلا وجه إلا هجرهم وإنما الكلام في مخالطة المسلمين وما فيها من البركة لما روي أنه قيل يا رسول الله : الوضوء من جر مخمر أحب إليك أو من هذه المطاهر التي يتطهر منها الناس فقال : بل من هذه المطاهر التماسا لبركة أيدي المسلمين .
وروي أنه صلى الله عليه وسلم لما طاف بالبيت عدل إلى زمزم ليشرب منها فإذا التمر المنقع في حياض الأدم وقد مغثه الناس بأيديهم وهم يتناولون منه ويشربون فاستسقى منه وقال اسقوني : فقال إن هذا النبيذ شراب قد مغث وخيض بالأيدي أفلا آتيك بشراب أنظف من هذا من جر مخمر في البيت ، فقال اسقوني : من هذا الذي يشرب منه الناس ألتمس بركة أيدي المسلمين فشرب منه . العباس