القسم الثاني : الطاعات : وهي مرتبطة بالنيات في أصل صحتها وفي تضاعف فضلها . أما الأصل : فهو أن ينوي بها عبادة الله تعالى لا غير فإن نوى الرياء صارت معصية وأما تضاعف الفضل فبكثرة النيات الحسنة فإن
nindex.php?page=treesubj&link=28272_34508الطاعة الواحدة يمكن أن ينوي بها خيرات كثيرة ، فيكون له بكل نية ثواب ؛ إذ كل واحدة منها حسنة ، ثم تضاعف كل حسنة عشر أمثالها كما ورد به الخبر .
ومثاله : القعود في المسجد فإنه طاعة ويمكن أن ينوي فيه نيات كثيرة حتى يصير من فضائل أعمال المتقين ويبلغ به درجات المقربين أولها : أن يعتقد أنه بيت الله ، وأن داخله زائر الله ، فيقصد به زيارة مولاه رجاء لما وعده به رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال :
" من قعد في المسجد فقد زار الله تعالى ، وحق على المزور أن يكرم زائره " وثانيها : أن ينتظر الصلاة بعد الصلاة فيكون في جملة انتظاره في الصلاة وهو
nindex.php?page=treesubj&link=28974معنى قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=200ورابطوا وثالثها : الترهب بكف السمع والبصر والأعضاء عن الحركات والترددات ، فإن الاعتكاف كف وهو في معنى الصوم وهو نوع ترهب ؛ ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" رهبانية أمتي القعود في المساجد " ورابعها : عكوف الهم على الله ولزوم السر للفكر في الآخرة ، ودفع الشواغل الصارفة عنه بالاعتزال إلى المسجد وخامسها : التجرد لذكر الله أو لاستماع ذكره ، وللتذكر به كما روي في الخبر :
" من غدا إلى المسجد ليذكر الله تعالى أو يذكر به كان كالمجاهد في سبيل الله تعالى " وسادسها : أن يقصد إفادة العلم بأمر بمعروف ونهي عن منكر ؛ إذ المسجد لا يخلو عمن يسيء في صلاته أو يتعاطى ما لا يحل له فيأمره بالمعروف ويرشده إلى الدين ، فيكون شريكا معه في خيره الذي يعلم منه ، فتتضاعف خيراته وسابعها : أن يستفيد أخا في الله فإن ذلك غنيمة وذخيرة للدار الآخرة والمسجد معشش أهل الدين ، المحبين لله وفي الله وثامنها : أن يترك الذنوب حياء من الله تعالى وحياء من أن يتعاطى في بيت الله ما يقتضي هتك الحرمة وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=35الحسن بن علي رضي الله عنهما : من أدمن الاختلاف إلى المسجد رزقه الله إحدى سبع خصال : أخا مستفادا في الله ، أو رحمة مستنزلة ، أو علما مستطرفا ، أو كلمة تدل على هدى ، أو تصرفه عن ردى ، أو يترك الذنوب خشية أو حياء فهذا طريق تكثير النيات ، وقس به سائر الطاعات والمباحات ؛ إذ ما من طاعة إلا وتحتمل نيات كثيرة ، وإنما تحضر في قلب العبد المؤمن بقدر جده في طلب الخير وتشمره ، له وتفكر ، فيه ، فبهذا تزكوا الأعمال ، وتتضاعف الحسنات .
الْقِسْمُ الثَّانِي : الطَّاعَاتُ : وَهِيَ مُرْتَبِطَةٌ بِالنِّيَّاتِ فِي أَصْلِ صِحَّتِهَا وَفِي تَضَاعُفِ فَضْلِهَا . أَمَّا الْأَصْلُ : فَهُوَ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا عِبَادَةَ اللَّهِ تَعَالَى لَا غَيْرَ فَإِنْ نَوَى الرِّيَاءَ صَارَتْ مَعْصِيَةً وَأَمَّا تَضَاعُفُ الْفَضْلِ فَبِكَثْرَةِ النِّيَّاتِ الْحَسَنَةِ فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28272_34508الطَّاعَةَ الْوَاحِدَةَ يُمْكِنُ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا خَيْرَاتٍ كَثِيرَةً ، فَيَكُونُ لَهُ بِكُلِّ نِيَّةٍ ثَوَابٌ ؛ إِذْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا حَسَنَةٌ ، ثُمَّ تُضَاعَفُ كُلُّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا كَمَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ .
وَمِثَالُهُ : الْقُعُودُ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ طَاعَةٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يَنْوِيَ فِيهِ نِيَّاتٍ كَثِيرَةً حَتَّى يَصِيرَ مِنْ فَضَائِلِ أَعْمَالِ الْمُتَّقِينَ وَيَبْلُغَ بِهِ دَرَجَاتِ الْمُقَرَّبِينَ أَوَّلُهَا : أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ بَيْتُ اللَّهِ ، وَأَنَّ دَاخِلَهُ زَائِرُ اللَّهِ ، فَيَقْصِدُ بِهِ زِيَارَةَ مَوْلَاهُ رَجَاءً لِمَا وَعَدَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قَالَ :
" مَنْ قَعَدَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَدْ زَارَ اللَّهَ تَعَالَى ، وَحَقٌّ عَلَى الْمَزُورِ أَنْ يُكْرِمَ زَائِرِهِ " وَثَانِيهَا : أَنْ يَنْتَظِرَ الصَّلَاةَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَيَكُونُ فِي جُمْلَةِ انْتِظَارِهِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=28974مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=200وَرَابِطُوا وَثَالِثُهَا : التَّرَهُّبُ بِكَفِّ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْأَعْضَاءِ عَنِ الْحَرَكَاتِ وَالتَّرَدُّدَاتِ ، فَإِنَّ الِاعْتِكَافَ كَفٌّ وَهُوَ فِي مَعْنَى الصَّوْمِ وَهُوَ نَوْعٌ تَرَهُّبٍ ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" رَهْبَانِيَّةُ أُمَّتِي الْقُعُودُ فِي الْمَسَاجِدِ " وَرَابِعُهَا : عُكُوفُ الْهَمِّ عَلَى اللَّهِ وَلُزُومُ السِّرِّ لِلْفِكْرِ فِي الْآخِرَةِ ، وَدَفْعُ الشَّوَاغِلِ الصَّارِفَةِ عَنْهُ بِالِاعْتِزَالِ إِلَى الْمَسْجِدِ وَخَامِسُهَا : التَّجَرُّدُ لِذِكْرِ اللَّهِ أَوْ لِاسْتِمَاعِ ذِكْرِهِ ، وَلِلتَّذَكُّرِ بِهِ كَمَا رُوِيَ فِي الْخَبَرِ :
" مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ لِيَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى أَوْ يُذَكِّرُ بِهِ كَانَ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى " وَسَادِسُهَا : أَنْ يَقْصِدَ إِفَادَةَ الْعِلْمِ بِأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ وَنَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ ؛ إِذِ الْمَسْجِدُ لَا يَخْلُو عَمَّنْ يُسِيءُ فِي صَلَاتِهِ أَوْ يَتَعَاطَى مَا لَا يَحِلُّ لَهُ فَيَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَيُرْشِدُهُ إِلَى الدِّينِ ، فَيَكُونُ شَرِيكًا مَعَهُ فِي خَيْرِهِ الَّذِي يَعْلَمُ مِنْهُ ، فَتَتَضَاعَفُ خَيْرَاتُهُ وَسَابِعُهَا : أَنْ يَسْتَفِيدَ أَخًا فِي اللَّهِ فَإِنَّ ذَلِكَ غَنِيمَةٌ وَذَخِيرَةٌ لِلدَّارِ الْآخِرَةِ وَالْمَسْجِدُ مُعَشَّشُ أَهْلِ الدِّينِ ، الْمُحِبِّينَ لِلَّهِ وَفِي اللَّهِ وَثَامِنُهَا : أَنْ يَتْرُكَ الذُّنُوبَ حَيَاءً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَحَيَاءً مِنْ أَنْ يَتَعَاطَى فِي بَيْتٍ اللَّهِ مَا يَقْتَضِي هَتْكَ الْحُرْمَةِ وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=35الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : مَنْ أَدْمَنَ الِاخْتِلَافَ إِلَى الْمَسْجِدِ رَزَقَهُ اللَّهُ إِحْدَى سَبْعِ خِصَالٍ : أَخًا مُسْتَفَادًا فِي اللَّهِ ، أَوْ رَحْمَةً مُسْتَنْزَلَةً ، أَوْ عِلْمًا مُسْتَطْرَفًا ، أَوْ كَلِمَةً تَدُلُّ عَلَى هُدًى ، أَوْ تَصْرِفُهُ عَنْ رَدًى ، أَوْ يَتْرُكُ الذُّنُوبَ خَشْيَةً أَوْ حَيَاءً فَهَذَا طَرِيقُ تَكْثِيرِ النِّيَّاتِ ، وَقِسْ بِهِ سَائِرَ الطَّاعَاتِ وَالْمُبَاحَاتِ ؛ إِذْ مَا مِنْ طَاعَةٍ إِلَّا وَتَحْتَمِلُ نِيَّاتٍ كَثِيرَةً ، وَإِنَّمَا تَحْضُرُ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ بِقَدْرِ جَدِّهِ فِي طَلَبِ الْخَيْرِ وَتَشَمُّرِهِ ، لَهُ وَتَفَكُّرٍ ، فِيهِ ، فَبِهَذَا تَزْكُوا الْأَعْمَالُ ، وَتَتَضَاعَفُ الْحَسَنَاتُ .