ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1137 - بني هاشم إسحاق بن بشر [بن محمد] بن عبد الله بن سالم ، أبو حذيفة البخاري . مولى .
ولد ببلخ ، واستوطن بخارى فنسب إليها ، وهو صاحب كتاب "المبتدأ" ، وكتاب "الفتوح" .
حدث عن ابن إسحاق ، وابن جريج ، وابن أبي عروبة ، وجويبر ، ومقاتل بن سليمان ، [ومالك] ، ، وجماعة من العلماء بأحاديث باطلة . والثوري
وكان يروي عن أقوام قد ماتوا قبل أن يولد ، فلم يلتفت المحدثون إلى روايته .
وتوفي في رجب هذه السنة ببخارى .
1138 - بهيم العجلي ، يكنى أبا بكر .
يروي عن أبي إسحاق الفزاري . كان زاهدا في الدنيا كثير التعبد ، غزير البكاء ، عليه أثر الحزن والكآبة .
أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك قال: أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار قال: أخبرنا علي بن أحمد الملطي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا الحسين بن صفوان قال: حدثنا عبد الله بن محمد القرشي قال: حدثني محمد بن الحسين قال: حدثني عبيد الله بن محمد بن حفص قال: حدثنا معاذ بن زياد قال: لما اتخذت عبادان سكنها قوم نساك فيهم ، رجل يقال له: بهيم ، وكان رجلا حزينا ، يزفر الزفرة فيسمع زفيره .
قال محمد : وحدثني مخول قال: جاءني بهيم يوما فقال لي: تعلم رجلا من [ ص: 152 ] إخوانك وجيرانك يريد الحج ، ترضاه يرافقني؟ قلت: نعم ، فذهبت به إلى رجل من الحي ، له صلاح ودين ، فجمعت بينهما وتواطئا على المرافقة . ثم انطلق بهيم إلى أهله ، فلما كان بعد ، أتاني الرجل فقال: يا هذا ، أحب أن تزوي عني صاحبك ويطلب رفيقا غيري . فقلت: ويحك ، ولم؟ فو الله ما أعلم بالكوفة له نظير في حسن الخلق والاحتمال .
ولقد ركبت معه البحر فلم أر إلا خيرا . فقال: ويحك ، حدثت أنه طويل البكاء ، ولا يكاد يفتر ، فهذا ينغص علينا العيش [في] سفرنا كله . قال: قلت: ويحك ، إنما يكون البكاء أحيانا عند التذكرة ، يرق القلب فيبكي الرجل ، أو ما تبكي أنت أحيانا؟ قال: بلى ، ولكن [قد] بلغني عنه أمر عظيم جدا من كثرة بكائه . قال: قلت: اصحبه فلعلك أن تنتفع به . قال: أستخير الله .
فلما كان اليوم الذي أرادا أن يخرجا فيه جيء بالإبل ، ووطئ لهما ، فجلس بهيم في ظل حائط ، فوضع يده تحت لحيته ، وجعلت دموعه تسيل على خديه ، ثم على لحيته ، ثم على صدره ، حتى والله رأيت دموعه [على] الأرض . قال: يقول لي صاحبي: يا مخول ، قد ابتدأ صاحبك ، ليس هذا لي برفيق . قال: قلت: أرفق ، فلعله ذكر عياله ومفارقته إياهم فرق . فسمعنا بهيم فقال: والله يا أخي ما هو ذاك ، ولكني ذكرت بها الرحلة إلى الآخرة . قال: وعلا صوته بالنحيب . قال: يقول لي صاحبي ، والله ما هي بأول عداوتك لي وبغضك إياي ، أنا ما لي ولبهيم ، وإنما كان ينبغي أن ترافق بين بهيم وبين داود الطائي وسلام أبي الأحوص ، حتى يبكي بعضهم إلى بعض ، يشفون أو يموتون جميعا قال: فلم أزل أرفق به .
قلت: ويحك ، لعلها خير سفرة سافرتها . [ ص: 153 ] قال: وكان كثير الحج ، رجلا صالحا ، إلا أنه كان تاجرا موسرا مقبلا على شأنه ، ولم يكن صاحب حزن ولا بكاء . قال: فقال لي: قد وقعت مرتي هذه ، ولعلها أن تكون خيرة . قال: وكل هذا الكلام لا يعلم به بهيم ، ولو علم بشيء منه ما صحبه . قال: فخرجا جميعا حتى حجا ورجعا ، ما يدري كل واحد منهما أن له أخا غير صاحبه ، فلما جئت أسلم على جاري قال لي: جزاك الله يا أخي عني خيرا ما ظننت أن في هذا الخلق مثل أبي بكر ، كان والله يتفضل علي في النفقة وهو معدم وأنا موسر ، ويتفضل علي في الخدمة وأنا شاب قوي وهو شيخ ضعيف ، ويطبخ لي وأنا مفطر وهو صائم .
قال: فقلت [له]: كيف كان أمرك معه في الذي تكرهه من طول بكائه قال: ألفت والله ذلك البكاء وسر قلبي حتى كنت أساعده عليه حتى يتأذى بنا أهل الرفقة . قال: ثم والله ألفوا ذلك ، فجعلوا إذا سمعونا نبكي بكوا ، وجعل بعضهم يقول لبعض: ما الذي جعلهم أولى بالبكاء منا والمصير واحد .
قال: فجعلوا والله يبكون ونبكي قال: ثم خرجت من عنده فأتيت بهيما ، فسلمت عليه وقلت: كيف رأيت صاحبك؟ قال: خير صاحب ، كثير الذكر لله عز وجل ، طويل التلاوة للقرآن ، سريع الدمعة ، محتمل لهفوات الرفيق ، جزاك الله عني خيرا .
1139 - جارود بن يزيد أخو الضحاك النيسابوري .
حدث عن بهز بن حكيم ، وعمر بن ذر .
روى عنه ، وقد ضعفوه . الحسن بن عرفة
توفي في هذه السنة .
[ ص: 154 ] 1140 - حجاج بن محمد أبو محمد الأعور ، مولى سليمان بن مجالد ، مولى . ترمذي الأصل . أبي جعفر المنصور
سمع ابن جريج ، وابن أبي ذئب ، وشعبة ، وحمزة الزيات ، . والليث بن سعد
روى عنه ، أحمد بن حنبل ويحيى ، وابن أبي خيثمة ، ، وكان قد تحول إلى وكان ضابطا ثقة ، إلا أنه تغير في آخر عمره المصيصة بولده وعياله ، فأقام بها سنين ، ثم قدم بغداد فتوفي بها .
1141 - داود بن المحبر بن قحذم بن سليمان بن ذكوان ، أبو سليمان الطائي البصري .
نزل بغداد ، وحدث بها عن شعبة ، وحماد بن سلمة ، وصالح المري ، ومقاتل بن سليمان ، ، وغيرهم . وإسماعيل بن عياش
روى عنه: البرجلاني وغيره .
يثني عليه ويقول: هو ثقة يحيى بن معين ، وإنما صحب قوما من كان المعتزلة فأفسدوه .
وقال : هو شبه لا شيء وكذلك قال أحمد بن حنبل : هو شبه لا شيء ، لا يدري ما الحديث . البخاري
أخبرنا قال: أخبرنا أبو منصور القزاز أبو بكر بن ثابت قال: حدثني محمد بن علي الصوري قال: سمعت عبد الغني بن سعيد الحافظ يقول: قال لنا أبو الحسن علي بن عمر : كتاب "العقل" وضعه أربعة ، أولهم ميسرة بن عبد ربه ، ثم سرقه منه [داود بن المحبر ، وركبه بأسانيد غير أسانيد ميسرة ، وسرقه] عبد العزيز بن أبي رجاء وركبه [ ص: 155 ] بأسانيد أخرى ، ثم سرقه سليمان بن عيسى السجزي فركبه بأسانيد أخرى . أو كما قال . الدارقطني
توفي داود ببغداد في جمادى الأولى من هذه السنة .
1142 - شبابة بن سوار ، أبو عمرو الفزاري ، مولاهم .
أصله من خراسان ، نزل المدائن ، وحدث بها وببغداد عن شعبة ، وجرير بن عثمان ، ، وابن أبي ذئب . والليث
وروى عنه: ، أحمد بن حنبل ويحيى بن معين ، . وأبو خيثمة
واسم أبيه مروان ، وإنما غلب عليه سوار ، وكان شبابة كثير الحديث . وكان يحمل عليه . أحمد بن حنبل . وكان مرجئا ، لكنه رجع عن ذلك
وتوفي بمكة في هذه السنة .
1143 [ - أبو جعفر ، محمد بن جعفر المدائني .
سمع ورقاء بن عمر ، وغيرهما . ، وشعبة
وروى عنه أحمد بن حنبل في آخرين . ، وعباس الدوري
أحمد وأبو داود : وليس به بأس . وقال
وتوفي في هذه السنة] .
1144 - يزيد بن هارون بن زاذي بن ثابت ، أبو خالد السلمي .
من أهل واسط ، ولد سنة ثماني عشرة ومائة ، وسمع يحيى بن سعيد الأنصاري ، وسليمان التميمي ، وعاصما الأحول ، وحميدا الطويل ، وخلقا كثيرا . [ ص: 156 ]
، حدث وكان ثقة [ثبتا] حافظا ببغداد فحرر مجلسه تسعين ألفا .
قال : لم أر أحفظ من علي بن المديني يزيد بن هارون بن زاذي بن ثابت .
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الأزهري قال: حدثنا عبد الرحمن بن عمر الخلال قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب قال: حدثنا جدي 5 قال: سمعت أحمد بن أبي الطيب يقول سمعت ، وقيل له إن يزيد بن هارون هارون المستملي يريد أن يدخل عليك - يعني في حديثك - فتحفظ منه ، فبينما هو كذلك إذ دخل هارون فسمع يزيد نغمته ، فقال: يا هارون ، بلغني أنك تريد أن تدخل علي في حديثي ، فاجهد جهدك لا أرعى الله عليك إن أرعيت ، أحفظ ثلاثة وعشرين ألف حديث ولا بغي ، لا أقامني الله إن كنت لا أقوم بحديثي .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرني الخلال قال: حدثنا قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان الحسين بن محمد بن عفير قال: قال أبو جعفر أحمد بن سنان : ما رأيت عالما قط أحسن صلاة من ، يقوم كأنه أسطوانة ، كان يصلي بين المغرب والعشاء ، وبين الظهر والعصر ، ولم يكن يفتر من صلاة الليل والنهار هو يزيد بن هارون وهشيم جميعا معروفين بطول الصلاة بالليل والنهار .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي [قال: أخبرنا] [ ص: 157 ] العتيقي قال: أخبرنا أبو مسلم محمد بن أحمد بن علي الكاتب قال: أخبرنا الحسن بن حبيب بن عبد الملك قال: سمعت أبا جعفر محمد بن إسماعيل الصائغ يقول: قال رجل ليزيد بن هارون : كم حزبك [من الليل] ؟ قال: وأنام من الليل شيئا؟ إذا لا أنام الله عيني .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا علي بن أحمد الرزاز قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن يحيى النيسابوري قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الأزهر قال: سمعت يقول: رأيت الحسن بن عرفة يزيد بن هارون بواسط وهو من أحسن الناس عينين ، ثم رأيته بعين واحدة ، ثم رأيته وقد ذهبت عيناه ، فقلت: يا أبا خالد ، ما فعلت العينان الجميلتان؟ فقال: ذهب بهما بكاء الأسحار .
أخبرنا قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد [بن علي بن ثابت] الخطيب القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحيزي وأبو سعيد الصيرفي قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال: حدثنا قال: أخبرني يحيى بن أبي طالب الحسن بن شاذان الواسطي قال: حدثني ابن عرعرة قال: حدثني ابن أكثم قال: قال لنا : لولا مكان المأمون لأظهرت أن القرآن مخلوق فقال بعض جلسائه: يا أمير المؤمنين ، ومن يزيد بن هارون يزيد حتى يتقى ؟ قال: ويحك ، إني أخاف أن يرد علي ، فيختلف الناس وتكون فتنة ، وأنا أكره الفتنة .
فقال له الرجل: فأنا أخبر لك ذلك منه ، [ ص: 158 ] فقال له: نعم قال: فخرج إلى واسط ، فجاء إلى ، فدخل عليه المسجد ، وجلس إليه فقال له: يا يزيد بن هارون أبا خالد ، إن أمير المؤمنين يقرئك السلام ويقول لك إني أريد أن أظهر أن القرآن مخلوق . فقال: كذبت على أمير المؤمنين ، أمير المؤمنين لا يحمل الناس على ما لا يعرفونه ، فإن كنت صادقا فعد غدا إلى المجلس ، فإذا اجتمع الناس فقل ، قال: فلما كان الغد اجتمع الناس فقام ، فقال: يا أبا خالد ، رضي الله عنك ، إن أمير المؤمنين يقرئك السلام ويقول لك: إني أريد أن أظهر أن القرآن مخلوق ، فما عندك في ذلك؟ قال: كذبت في ذلك على أمير المؤمنين ، أمير المؤمنين لا يحمل الناس على ما لا يعرفونه وما لم يقل له أحد قال: فقدم فقال: يا أمير المؤمنين ، كنت أنت أعلم . [قال: ] وكان من القصة كيت وكيت . فقال له: ويحك ، تلعب بك . توفي يزيد بواسط غرة ربيع الآخر من هذه السنة .
أخبرنا عبد الرحمن [بن محمد] قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا الحسين بن عبد الله بن أحمد بن أبي علاثة حدثنا قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان أبو محمد السكري قال: حدثنا يحيى بن إسحاق بن إبراهيم بن سافري قال: حدثني أبو نافع ابن بنت يزيد بن هارون قال: كنت عند وعنده رجلان ، فقال أحدهما: يا أحمد بن حنبل أبا عبد الله ، رأيت في المنام فقلت له: يا يزيد بن هارون أبا خالد ، ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي وشفعني وعاتبني . فقلت له: غفر لك [ ص: 159 ] وشفعك ، قد عرفت ، ففيم عاتبك؟ قال: قال لي: [يا يزيد] ، أتحدث عن جرير بن عثمان . قال: قلت: يا رب ، ما علمت إلا خيرا . قال: يا يزيد ، إنه أبا الحسن علي بن أبي طالب . قال: وقال الآخر: وأنا والله رأيت كان يبغض في المنام . فقلت [له]: هل أتاك يزيد بن هارون منكر ونكير . قال: إي والله ، وسألاني من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فقلت: ألمثلي يقال هذا؟ وأنا كنت أعلم الناس بهذا في الدنيا فقالا لي: صدقت ، فنم نومة العروس [لا بأس عليك] .