[ ص: 435 ] المسألة الثانية : اختلف الناس في على ثلاثة أقوال : كتاب الله السابق
الأول : سبق من الله ألا يعذب قوما حتى يتقدم إليهم .
الثاني : سبق منه ألا يعذبهم ومحمد فيهم .
الثالث : سبق منه إحلال الغنائم لهم ، ولكنهم استعجلوا قبل الإحلال ، وهذا كله ممكن صحيح ، لكن أقواه ما سبق من إحلال الغنيمة ، وقد كانوا غنموا أول غنيمة في الإسلام حين أرسل النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش في رجب مقفله من بدر الأولى ، وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد إلى نخلة ما بين مكة والطائف فيرصد بها قريشا ، فمضى ومضى أصحابه معه ، حتى نزلوا بنخلة ، فمرت عليهم عير لقريش تحمل زيتا وأدما وتجارة من تجارة قريش ، فيها عمرو بن الحضرمي ; فقتل عمرو ، وأقبل عبد الله بن جحش وأصحابه بالعير والأسرى حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعزل عبد الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم خمس الغنيمة ، وقسم سائرها بين أصحابه ; وذلك قبل أن يفرض الله لرسوله الخمس ، فأكلوا الغنيمة ، ونزل بعد ذلك فرض الغنيمة ، كما كان فعله عبد الله بن جحش من الخمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم والأربعة الأخماس للغانمين .
والذي ثبت من ذلك أكلهم الغنيمة التي غنموا ، وإحلال ما أخذ لهم ، والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت عن ذلك مجيز له ; فكان وحيا بسكوته وإمضائه .