[ ص: 509 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ( 111 ) )
قال أبو جعفر : وهذا أمر من الله - جل ثناؤه - لنبيه صلى الله عليه وسلم بدعاء الذين قالوا : ( لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ) [ ص: 510 ] - إلى أمر عدل بين جميع الفرق : مسلمها ويهودها ونصاراها ، وهو إقامة الحجة على دعواهم التي ادعوا : من أن الجنة لا يدخلها إلا من كان هودا أو نصارى . يقول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : يا محمد ، قل للزاعمين أن الجنة لا يدخلها إلا من كان هودا أو نصارى ، دون غيرهم من سائر البشر : ( هاتوا برهانكم ) ، على ما تزعمون من ذلك ، فنسلم لكم دعواكم إن كنتم في دعواكم - من أن الجنة لا يدخلها إلا من كان هودا أو نصارى - محقين .
والبرهان : هو البيان والحجة والبينة . كما : -
1804 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا قال : حدثنا يزيد بن زريع سعيد ، عن قتادة : ( هاتوا برهانكم ) ، هاتوا بينتكم .
1805 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن : ( هاتوا برهانكم ) ، هاتوا حجتكم . السدي
1806 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا حجاج ، عن ، عن ابن جريج مجاهد : ( قل هاتوا برهانكم ) ، قال : حجتكم .
1807 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع : ( قل هاتوا برهانكم ) ، أي : حجتكم .
قال أبو جعفر : وهذا الكلام ، وإن كان ظاهره ظاهر دعاء القائلين : ( لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ) - إلى إحضار حجة على دعواهم ما ادعوا من ذلك ، فإنه بمعنى تكذيب من الله لهم في دعواهم وقيلهم ، لأنهم لم يكونوا قادرين على إحضار برهان على دعواهم تلك أبدا . وقد أبان قوله : ( بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن ) ، عن أن الذي ذكرنا من الكلام ، بمعنى التكذيب لليهود والنصارى في دعواهم ما ذكر الله عنهم .
وأما تأويل قوله : ( قل هاتوا برهانكم ) فإنه : أحضروا وأتوا به .