( ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون ( 42 ) . ( ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون ( 43 ) إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون ( 44 ) ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين ( 45 ) .
فقال : ( ومنهم من يستمعون إليك ) بأسماعهم الظاهرة فلا ينفعهم ، ( أفأنت تسمع الصم ) يريد : سمع القلب ، ( ولو كانوا لا يعقلون ) .
( ومنهم من ينظر إليك ) بأبصارهم الظاهرة ، ( أفأنت تهدي العمي ) يريد عمى القلب ، ( ولو كانوا لا يبصرون ) وهذا تسلية من الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم يقول : إنك لا تقدر أن تسمع من سلبته السمع ، ولا أن تهدي من سلبته البصر ، ولا أن توفق للإيمان من حكمت عليه أن لا يؤمن .
( إن الله لا يظلم الناس شيئا ) لأنه في جميع أفعاله متفضل عادل ، ( ولكن الناس أنفسهم يظلمون ) بالكفر والمعصية .
قوله تعالى : ( ويوم يحشرهم ) قرأ حفص بالياء ، والآخرون بالنون ، ( كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار ) قال الضحاك : كأن لم يلبثوا في الدنيا إلا ساعة من النهار . وقال ابن عباس : كأن لم يلبثوا في قبورهم إلا قدر ساعة من النهار ، ( يتعارفون بينهم ) يعرف بعضهم بعضا حين بعثوا من القبور كمعرفتهم في الدنيا ، ثم تنقطع المعرفة إذا عاينوا أهوال القيامة . وفي بعض الآثار : أن الإنسان يعرف يوم القيامة من بجنبه ولا يكلمه هيبة وخشية .
( قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين ) والمراد من الخسران : خسران النفس ، ولا شيء أعظم منه .