الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      وقال يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق : فحدثني الحصين بن عبد الرحمن ، عن محمود بن عمرو بن يزيد بن السكن ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد حين غشيه القوم : من رجل يشري لنا نفسه ؟ فقال زياد [ ص: 399 ] بن السكن في خمسة من الأنصار ، وبعض الناس يقول : هو عمارة بن زياد بن السكن ، فقاتلوا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رجل ثم رجل يقتلون دونه ، حتى كان آخرهم زيادا أو عمارة ، فقاتل حتى أثبتته الجراحة . ثم فاءت من المسلمين فئة فأجهضوهم عنه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أدنوه مني . فأدنوه منه ، فوسده قدمه ، فمات وخده على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                      وترس دون رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو دجانة بنفسه ، يقع النبل في ظهره ، وهو منحن على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كثرت فيه النبل
                                                                                      .

                                                                                      وقال حماد بن سلمة ، عن ثابت ، وغيره ، عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش ، فلما رهقوه قال : من يردهم عنا وله الجنة ، أو هو رفيقي في الجنة ؟ فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل ، وتقدم آخر فقاتل حتى قتل . فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة ، فقال لصاحبيه : ما أنصفنا أصحابنا . رواه مسلم .

                                                                                      وقال سليمان التيمي ، عن أبي عثمان ، قال : لم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في بعض تلك الأيام التي قاتل فيهن غير طلحة بن عبيد الله وسعد ، عن حديثهما . متفق عليه .

                                                                                      وقال قيس بن أبي حازم : رأيت يد طلحة شلاء وقى بها النبي صلى الله عليه وسلم ، يعني يوم أحد . أخرجه البخاري .

                                                                                      وقال عبد الله بن صالح : حدثني يحيى بن أيوب ، عن عمارة بن غزية ، عن أبي الزبير مولى حكيم بن حزام ، عن جابر قال : انهزم الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ، فبقي معه أحد عشر رجلا من الأنصار ، [ ص: 400 ] وطلحة بن عبيد الله ، وهو يصعد في الجبل ، فلحقهم المشركون . فقال : ألا أحد لهؤلاء ؟ فقال طلحة : أنا يا رسول الله . قال : كما أنت يا طلحة . فقال رجل من الأنصار : فأنا يا رسول الله . فقاتل عنه ، وصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه ، ثم قتل الأنصاري فلحقوه فقال : ألا أحد لهؤلاء ؟ فقال طلحة مثل قوله ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل قوله ، فقال رجل من الأنصار : أنا يا رسول الله ، فأذن له فقاتل ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يصعدون ، ثم قتل فلحقوه . فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مثل قوله ويقول طلحة : أنا فيحبسه . ويستأذنه رجل من الأنصار فيأذن له ، حتى لم يبق معه إلا طلحة ، فغشوهما ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من لهؤلاء ؟ فقال طلحة : أنا . فقاتل مثل قتال جميع من كان قبله وأصيبت أنامله ، فقال : حس . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو قلت بسم الله أو ذكرت اسم الله لرفعتك الملائكة والناس ينظرون إليك حتى تلج بك في جو السماء . ثم صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وهم مجتمعون .

                                                                                      وقال عبد الوارث : حدثنا عبد العزيز ، عن أنس ، قال : لما كان يوم أحد انهزم الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبو طلحة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يجوب عنه بحجفة معه . وكان أبو طلحة رجلا راميا شديد النزع ، كسر يومئذ قوسين أو ثلاثة . وكان الرجل يمر بالجعبة فيها النبل فينثرها لأبي طلحة . ويشرف نبي الله صلى الله عليه وسلم فينظر إلى القوم فيقول أبو طلحة : يا نبي الله ، بأبي أنت وأمي ، لا تشرف يصيبك سهم من سهام القوم ، نحري دون نحرك . ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر ، وأم سليم وإنهما [ ص: 401 ] مشمرتان أرى خدم سوقهما ، تنقلان القرب على متونهما ثم تفرغانه في أفواه القوم .

                                                                                      ولقد وقع السيف من يد أبي طلحة من النعاس إما مرتين أو ثلاثة . متفق عليه .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية