[ ص: 74 ] [ ص: 75 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الرعد
هكذا سميت من عهد السلف . وذلك يدل على أنها مسماة بذلك من عهد النبيء صلى الله عليه وسلم إذ لم يختلفوا في اسمها .
وإنما سميت بإضافتها إلى الرعد لورود ذكر الرعد فيها بقوله تعالى ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق . فسميت بالرعد ; لأن الرعد لم يذكر في سورة مثل هذه السورة ، فإن هذه السورة مكية كلها أو معظمها . وإنما ذكر الرعد في سورة البقرة وهي نزلت بالمدينة وإذا كانت آيات هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا إلى قوله وهو شديد المحال مما نزل بالمدينة ، كما سيأتي ، تعين أن ذلك نزل قبل نزول سورة البقرة .
وهذه السورة مكية في قول مجاهد وروايته عن ورواية ابن عباس علي بن أبي طلحة عنه وهو قول وسعيد بن جبير قتادة . وعن أبي بشر قال : سألت عن قوله تعالى سعيد بن جبير ومن عنده علم الكتاب أي في آخر سورة الرعد أهو ؟ فقال : كيف وهذه سورة مكية ، وعن عبد الله بن سلام ابن جريج وقتادة في رواية عنه وعن أيضا : أنها مدنية ، وهو عن ابن عباس عكرمة وعن والحسن البصري ، عطاء عن . وجمع ابن عباس السيوطي وغيره بين الروايات بأنها مكية إلا آيات منها نزلت بالمدينة يعني قوله هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا إلى قوله شديد المحال وقوله قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب . [ ص: 76 ] قال ابن عطية : والظاهر أن المدني فيها كثير ، وكل ما نزل في شأن عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة فهو مدني .
وأقول : أشبه آياتها بأن يكون مدنيا قوله أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها كما ستعلمه ، وقوله تعالى كذلك أرسلناك في أمة إلى ( وإليه متاب ) فقد قال مقاتل : نزلت في صلح وابن جريج الحديبية كما سيأتي عند تفسيرها .
ومعانيها جارية على من الاستدلال على الوحدانية وتفريع المشركين وتهديدهم . والأسباب التي أثارت القول بأنها مدنية أخبار واهية ، وسنذكرها في مواضعها من هذا التفسير ولا مانع من أن تكون مكية . ومن آياتها نزلت أسلوب معاني القرآن المكي بالمدينة وألحقت بها ، فإن ذلك في بعض سور القرآن ، فالذين قالوا : هي مكية لم يذكروا موقعها من ترتيب المكيات سوى أنهم ذكروها بعد سورة يوسف وذكروا بعدها سورة إبراهيم .
والذين جعلوها مدنية عدوها في النزول بعد سورة القتال وقبل سورة الرحمن وعدوها سابعة وتسعين في عداد النزول . وإذ قد كانت سورة القتال نزلت عام الحديبية أو عام الفتح تكون سورة الرعد بعدها .
وعدت آياتها ثلاثا وأربعين من الكوفيين وأربعا وأربعين في عدد المدنيين وخمسا وأربعين عند الشام .