( وعلى سمعهم وعلى أبصارهم ) محتملة في الحرفين أن تكون عاطفة على ما قبلها ، وأن تكون استئنافية ، ولم يبين ذلك هنا ، ولكن بين في موضع آخر أن قوله ( وعلى سمعهم ) معطوف على قوله ( على قلوبهم ) ، وأن قوله ( وعلى أبصارهم ) استئناف ، والجار والمجرور خبر المبتدأ الذي هو ( غشاوة ) وسوغ الابتداء بالنكرة فيه اعتمادها على الجار والمجرور قبلها ، ولذلك يجب تقديم هذا الخبر ; لأنه هو الذي سوغ الابتداء بالمبتدأ كما عقده في [ الخلاصة ] بقوله : [ الرجز ]
ونحو عندي درهم ولي وطر ملتزم فيه تقدم الخبر
هويتك إذ عيني عليها غشاوة فلما انجلت قطعت نفسي ألومها
وعلى قراءة من نصب " غشاوة " فهي منصوبة بفعل محذوف أي ( وجعل على بصره غشاوة ) [ 45 \ 23 ] ، كما في سورة " الجاثية " وهو كقوله : [ الرجز ]
علفتها تبنا وماء باردا حتى شتت همالة عيناها
ورأيت زوجك في الوغى متقلدا سيفا ورمحا
وقول الآخر : [ الوافر ]
إذا ما الغانيات برزن يوما وزججن الحواجب والعيونا
كما هو معروف في النحو ، وأجاز بعضهم كونه معطوفا على محل المجرور ، فإن قيل : قد يكون الطبع على الأبصار أيضا ، كما في قوله تعالى في سورة النحل : ( أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم ) [ الآية 108 ] .
فالجواب : أن الطبع على الأبصار المذكور في آية النحل : هو الغشاوة المذكورة في سورة البقرة والجاثية ، والعلم عند الله تعالى .