قوله تعالى : يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ، أمر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة رسله عليهم الصلاة والسلام مع أن الموجود منهم ، وقت نزولها واحد ، وهو نبينا - صلى الله عليه وسلم - ، بالأكل من الطيبات : وهي الحلال الذي لا شبهة فيه على التحقيق ، وأن يعملوا العمل الصالح ، وذلك يدل على أن الأكل من الحلال له أثر في العمل الصالح ، وهو كذلك ، وهذا الذي أمر به الرسل في هذه الآية الكريمة ، أمر به المؤمنين من هذه الأمة التي هي خير الأمم ، وذلك في قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون [ 2 \ 172 ] والآية تدل على أن كل رسول أمر في زمنه بالأكل من الحلال ، والعمل الصالح ، وتأثير الأكل من الحلال في الأعمال معروف ، وفي حديث - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أبي هريرة ياأيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم [ 23 \ 51 ] [ ص: 335 ] وقال : ياأيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم [ 2 \ 172 ] ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام ، وغذي بالحرام يمد يديه إلى السماء ، يا رب يا رب فأنى يستجاب له " وهو يدل دلالة واضحة أن دعاءه الذي هو أعظم القرب لم ينفعه ; لأنه لم يأكل من الحلال ولم يشرب منه ، ولم يركب منه . يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وأن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال :