خلاصة سورة الأنعام
لو سميت سور القرآن بما يدل على جل ما تشتمل عليه كل سورة أو على أهمه لسميت هذه السورة سورة عقائد الإسلام ، أو سورة التوحيد ، على ما جرى عليه العلماء من التعبير عن علم العقائد بالتوحيد لأنه أساسها وأعظم أركانها ، فهي مفصلة لعقيدة التوحيد مع دلائلها ، وما تجب معرفته من صفات الله تعالى وآياته ، ولرد شبهات الكفار على التوحيد وما يتبع ذلك من هدم هياكل الشرك وتقويض أركانه ، ولإثبات الرسالة والوحي وتفنيد شبهاتهم على الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإلزامهم الحجة بآية الله الكبرى وهي القرآن المشتمل على الآيات الكثيرة من عقلية وعلمية ، ومبينة لوظائف الرسول ودعوته وهديه [ ص: 239 ] في الناس على اختلاف طبقاتهم وأحوالهم ، وللبعث والجزاء والوعد والوعيد ، ولأحوال المؤمنين والكافرين وأعمالهم ، ولأصول الدين ووصاياه الجامعة في الفضائل والآداب - وليس فيها على طولها قصة من قصص الرسل المفصلة في السور المكية الطويلة كالأعراف من الطول ، ويونس وهود من المئين ، والطواسين من المثاني ، بل جميع آياتها في الألوهية والربوبية والرسالة والجزاء وأصول البر وأحوال المؤمنين والكافرين ، وآيات الله وحججه على العالمين ، وإنما ذكر فيها من قصص الرسل عليهم السلام محاجة إبراهيم لأبيه وقومه في التوحيد ، وما آتاه الله من الحجة عليهم لما بيناه من حكمة ذلك ، وذكر فيها موسى والتوراة للشبه بين رسالته وكتابه وبين رسالة محمد وكتابه عليهما السلام كما شرحناه في محله ، ومنه وصايا القرآن العشر ووصايا التوراة العشر ، وذكر فيها أيضا ما كان من حال الرسل عامة مع أقوامهم المشركين لأجل العبرة وتسلية خاتم الرسل صلى الله عليه وآله وعليهم أجمعين . وإننا بعد هذا الإجمال نذكر القراء ببعض الأصول التي يغفل الكثيرون عن جملتها وفوائد الجمع بينها .