الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال ليس على المستحاضة إلا أن تغتسل غسلا واحدا ثم تتوضأ بعد ذلك لكل صلاة قال يحيى قال مالك الأمر عندنا أن المستحاضة إذا صلت أن لزوجها أن يصيبها وكذلك النفساء إذا بلغت أقصى ما يمسك النساء الدم فإن رأت الدم بعد ذلك فإنه يصيبها زوجها وإنما هي بمنزلة المستحاضة قال يحيى قال مالك الأمر عندنا في المستحاضة على حديث هشام بن عروة عن أبيه وهو أحب ما سمعت إلي في ذلك

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          141 138 - ( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال : ليس على المستحاضة إلا أن تغتسل ) عند انقضاء المدة التي كانت تحيض فيها قبل الاستحاضة ( غسلا واحدا ) لأنه الذي أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - أم حبيبة ، وأحاديث أمرها به لكل صلاة روي من وجوه كلها ضعيفة كما صرح به ابن عبد البر والبيهقي وغيرهما .

                                                                                                          وأما فعلها هي ذلك فمن عند نفسها كما قاله الزهري والليث والشافعي وغيرهم ، فلا حجة فيها لمن ذهب إلى أنه يجب عليها الاغتسال لكل صلاة ، خلافا لابن حزم حيث صححها وزعم أنه قال بها جماعة من الصحابة فقد رده [ ص: 246 ] عليه الولي العراقي .

                                                                                                          ( ثم تتوضأ بعد ذلك لكل صلاة ) وجوبا عند الجمهور واستحبابا عند مالك محتجا لعدم الوجوب بقوله : ذلك عرق والعرق لا يجب منه الوضوء .

                                                                                                          ( قال مالك : الأمر عندنا أن المستحاضة إذا صلت أن لزوجها أن يصيبها ) وبه قال جمهور العلماء .

                                                                                                          وفي البخاري عن ابن عباس ويأتيها زوجها إذا صلت ، الصلاة أعظم ، قال مالك : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إنما ذلك عرق وليس بالحيضة " فإذا لم تكن حيضة فما يمنعه أن يصيبها وهي تصلي .

                                                                                                          وقال سليمان بن يسار والزهري والنخعي وابن سيرين وطائفة : لا يصيبها ، وروي عن عائشة .

                                                                                                          وقال أحمد : أحب إلي أن لا يطأ إلا أن يطول .

                                                                                                          ( وكذا النفساء إذا بلغت أقصى ما يمسك النساء ) مفعول فاعله ( الدم ) أي لا يصيبها وأقصاه عند مالك وبه أخذ أصحابه شهران ستون يوما ، وقال أكثر العلماء أربعون يوما وقيل غير ذلك .

                                                                                                          ( فإن رأت الدم بعد ذلك فإنه يصيبها زوجها وإنما هي بمنزلة المستحاضة ) وقد علم إجماع أهل المدينة على جواز إصابته لها .

                                                                                                          ( قال مالك : الأمر عندنا في المستحاضة على حديث هشام بن عروة عن أبيه ) عن عائشة المتقدم أولا ( وهو أحب ما سمعت إلي في ذلك ) قال ابن منده في صحيحه من طريق مالك : هذا إسناد مجمع على صحته .

                                                                                                          وقال الأصيلي : هو أصح حديث جاء في المستحاضة .

                                                                                                          وقال أحمد بن حنبل : في الحيض ثلاثة أحاديث حديثان ليس في نفسي منهما شيء حديث عائشة في قصة فاطمة بنت أبي حبيش ، وحديث أم سلمة ، والثالث في قلبي منه شيء وهو حديث حمنة بنت جحش ، قال أبو داود : وما عدا هذه الثلاثة أحاديث ففيها اختلاف واضطراب ، وعد في فتح الباري المستحاضات من الصحابيات في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - عشرا : بنات جحش الثلاثة على ما تقدم ، وفاطمة بنت أبي حبيش المتقدمة ، وسودة بنت زمعة وحديثها عند أبي داود معلقا وابن خزيمة موصولا ، وأم سلمة وحديثها في سنن سعيد بن منصور ، وأسماء بنت عميس رواه الدارقطني وهو في أبي داود لكن على التردد هل هو عنها أو عن فاطمة بنت أبي حبيش ، وسهلة بنت سهيل ذكرها أبو داود أيضا ، وأسماء بنت مرثد ذكرها البيهقي وغيره ، وبادية [ ص: 247 ] بنت غيلان ذكرها ابن منده ، وروى البيهقي والإسماعيلي أن زينب ابنة أم سلمة استحيضت ، لكن الحديث في أبي داود من حكاية زينب عن غيرها وهو أشبه فإنها كانت في زمنه - صلى الله عليه وسلم - صغيرة لأنه دخل على أمها في السنة الثالثة وزينب ترضع وقد كملن عشرا بحذف زينب بنت أبي سلمة انتهى .

                                                                                                          ونظم السيوطي في قلائد الفوائد تسعا فقال :

                                                                                                          قد استحيضت في زمان المصطفى تسع نساء قد رواها الراويه

                                                                                                          بنت جحش سودة فاطمة زينب أسما سهلة وباديه

                                                                                                          فعد بنت أبي سلمة وأسقط أم سلمة وأسماء بنت عميس أو بنت مرثد لأن النظم فيه أسماء واحدة وهما اثنتان فلو قال :

                                                                                                          قد استحيضت في زمان المصطفى بنات جحش سهلة وباديه وهند أسما سودة فاطمة وبنت مرثد رواها الراويه

                                                                                                          لوفى بالعشرة وسلم من عد زينب ابنة أم سلمة واسمها هند والله أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية