الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5044 - وعن سعيد بن زيد - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق " . رواه أبو داود ، والبيهقي في " شعب الإيمان " .

التالي السابق


5044 - ( وعن سعيد بن زيد ) : قال المؤلف : عدوي أحد العشرة المبشرين بالجنة أسلم قديما ، وكانت فاطمة أخت عمر تحته ، وبسببها كان إسلام عمر ، مات بالعقيق ، فحمل إلى المدينة ودفن بالبقيع روى عنه جماعة .

[ ص: 3158 ] ( عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن من أربى الربا ) أي : من أكثر أنواعها وبالا وأزيد آثام أفرادها مآلا ( الاستطالة ) أي : إطالة اللسان ( في عرض المسلم ) : وأصل التطاول استحقار الناس والترفع عليهم ، وأصل الربا الزيادة والكثرة لغة ، وأما شرعا فهو معروف بأنواعه المحرمة في كتب الفقه ، وإنما يكون هذا أشدها تحريما ، لأن العرض عند أرباب الكمال أعز على النفس من المال وأنشد :


أصون عرضي بمالي لا أدنسه لا بارك الله بعد العرض في المال



وإنما عبر عنه بلفظ الربا لأن المتعدي يضع عرضه ، ثم يستزيد عليه ، فكأنه قال : أزيد الزيادات التي تتجاوز عن الحد الاستطالة في عرض المسلم الذي هو أقوى من ماله . وقال الطيبي : أدخل العرض في جنس المال على سبيل المبالغة ، وجعل الربا نوعين متعارف وهو ما يؤخذ من الزيادة على ماله من المديون ، وغير متعارف وهو استطالة الرجل اللسان في عرض صاحبه ، ثم فضل أحد النوعين على الآخر ، وقال القاضي : الاستطالة في عرض المسلم أن يتناول منه أكثر مما يستحقه على ما قيل له ، أو أكثر مما رخصوا له فيه ، ولذلك مثله بالربا وعده من عداده ، ثم فضله على سائر أفراده ، لأنه أكثر مضرة وأشد فسادا ، فإن العرض شرعا وعقلا أعز على النفس من المال ، وأعظم منه خطرا ، ولذلك أوجب الشارع بالمجاهرة بهتك الأعراض ما لم يوجب بنهب الأموال اهـ .

ويعني به أن هتك بعض الأعراض يوجب الرجم ، ونهب المال فقط لم يوجب القتل . قال التوربشتي وقوله : ( بغير حق ) . فيه تنبيه على أن العرض ربما تجوز استباحته في بعض الأحوال ، وذلك مثل قوله صلى الله عليه وسلم : " لي الواجد يحل عرضه " فيجوز لصاحب الحق أن يقول فيه أنه ظالم ، وأنه متعد ونحو ذلك ، ومثله الكلام في جرح الشاهد ونحو ذلك ، أي : من ذكر مساوئ الخاطب والمبتدعة والفسقة على قصد التحذير . ( رواه أبو داود ، والبيهقي في شعب الإيمان ) . وكذا الإمام أحمد في مسنده .




الخدمات العلمية